تاريخ النشر: 01/01/2014
الناشر: دار مدارك للنشر
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:"ربما كان الحديث عن المرأة بإعتبارها قضية، هو الحديث السائد هذه الأيام لم نتعامل بعد مع المرأة بوصفها شريكاً يقاسمنا الحياة والعيش المشترك على هذه الأرض، وإنما لا زلنا نتعامل معها كقضية، مثل قضية الكتابة على الجدران، والتأخر عن الطابق الصباحي، علماً أن البعض يظن أنه حينما يخضع المرأة ...لهذا النوع من التناول إنما يكرمها، بينما هو ينجسها حقها، ويحولها إلى موضوع، لا كفاعل مشارك في رسم كل أشكال الحياة وتشكيلات المجتمع، هذا النقد يطبق على التيارين المتصارعين في السعودية على حدٍّ سواء.
وإذا استعنا بالذاكرة، فإنه ومنذ إقتحام جهيمان للحرم المكي في مطلع محرم من العام الهجري 1400 (1979) والمرأة محورية في الخطاب الديني احتج جهيمان على ظهور المرأة في التلفزيون، منطلقاً من موقف فكري صارم مفاده أن المرأة عبارة عن عورة متحركة، لا يمكن إلا أن تبقى في البيت، أو على حدّ تعبير العامة في أمثالهم: "المرأة ليس لها إلا بيت يستوها أو أو قبو يضمها" تطور الموقف الحاد من المرأة خلال العقود الماضية، ليتحول إلى محور الجدل الرئيسي في صراع التيارات، وكأن قدر المرأة أن لا تكون سلعة إعلانية وتسويقية، بل وسلعة فكرية أيضاً، لهذا لم يتم تناول قضايا المرأة بوصفها إنساناً له متطلبات العيش، وإنما تناولتها التيارات بصفتها ورقة براعة، وهي موضوع النزاع والجدل والحرب: المرأة ببساطة هي الأخت والأم والقريبة والجارة، إنها ليست بعباً مخيفاً أو عورة مستديمة، إنها كان طبيعي يشترك مع الرجل في كثير من الصفات، ولا معنى لتضخيم الخطابات حولها؛ لماذا يتناول البعض دائماً المرأة بصفتها موضع الخطيئة، لا موضع الإبداع والآثار؟ لا يتعاطون مع المرأة بوصفها حاضنة البشرية، ومصدر الخصوبة... ولا بصفتها الام الحنونة والأخت المحبة؛ بل تجد معظم الأطروحات حولها تتمحور حول الخطايا وكأنها لعنة وسوأة.
تلك هي الجاهلية الجديدة، أن نعتبر المرأة عاراً يجب الحيطة منه والحذر من تصرفاته، بل لقد بلغ الحذر بالبعض من نسائهم وعدم الثقة بهنّ، أن منعوا التلفزيونات والصحف والجرائد والمجلات عنهن! منعوا دخول أي وسيلة للترفيه إلى البيت، حتى لا ترى المرأة ما يفتنها! وكأنهم مبرأون من الفتنة بينما الأنثى والفة فيها!.
أن تقضي المرأة وقتها بالبيت أسيرة للفراغ القاتل، وحبيسة آلام الوحدة والعزلة، أليس هذا هو الوأد المعنوي وهو أشدّ إيلاماً من الوأد الجسدي؟!...
المشكلة أنه وعلى الرغم من كثافة النتاج السجالي المطروح حول المرأة، لم تتطور النظرة للمرأة كثيراً، ولم يتغير التعامل معها، بل على العكس من ذلك، زاد البعض في تحفزهم إزاءها... أين هو الخطاب المتعلق بالمرأة من تناول أبجديات حقوقها من مناحي الحياة كافة؟!...
في سياق هذه المقالة، يدفع "تركي الدخيل" بآرائه تجاه المرأة وتجاه ما يحيط بها من مغالطات متوارثة وصلت آثارها حتى إلى المهتمين بأمورها، على حدّ زعمهم، وذلك من خلال طريقة التعاطي في قضايا المرأة.
ويخص الكاتب بمقالته هذه، كذلك وفي سائر المقالات التي ضمها هذا الكتاب، المرأة في السعودية والخليج، حيث عاشت المرأة وتعيش في هذه المناطق تحولات عديدة بإعتبارها جزءاً من المجتمع الذي انتقل في ظرف زمني قياسي، من حالة البساطة البدوية، عبر النفط والثروة، إلى حياة المدنية بتعقيداتها، وحداثتها، مضيفاً بأن هذه التحولات الإجتماعية قد أسهمت في تشكيل حالة من الإلتباس في موضوع المرأة التي أخضعها تيار الصحوة لتكون عنصر الفاصلة والمفارقة بينه وبين بقية التيارات، على أساس فرز يحدد الحق، ويربطه برؤيته، والباطل ويربطه برؤية غيره.
يبين الكاتب بأن المرأة السعودية دورها الفاعل، وهو ليس وليد الحداثة، إنما هو قديم وثقه التاريخ السعودي وعلى وجه الخصوص ما وثقه المؤرخ السعودي "محمد بن ناصر العبودي" حيث كان قد تطرق إلى هذا الجانب في كتب حول المجتمع وتواريخ العائلات والأسر.
ومن هذا المنطلق، ولأن الغليان الثقافي في الحالة السعودية برمتها يؤسس لمرحلة من التجدد والتغيير، ولما كانت السعودية تزخر بإبداعات نسوية هائلة، رأي "تركي الدخيل" تخصيص كتابه هذا للمرأة الذي حمل بين طياته شذرات وآراء، كتبها في مناسبات عديدة، ثم جمعها بهدف توثيق تاريخ حركة مفهوم المرأة في المجتمع، كيف أصبحت حديث الإعلام، من الزواج إلى الطلاق، مروراً بقصص الحب والإختلاط، والسوق، وليس إنتهاءً بالممارسات الإستهلاكية.
والكاتب في وقفاته هذه إنما يهدف إلى رصد هذا التاريخ من خلال هذه الصفحات، إنه ليس تاريخاً بالمعنى العلمي للكلمة... بقدر ما هو تاريخ لليوميات... وبمعنى آخر فإن هذه الصفحات إنما هي بمثابة صور ليوميات المرأة في الخليج والسعودية تحديداً. إقرأ المزيد