تاريخ النشر: 01/07/2002
الناشر: رياض الريس للكتب والنشر
نبذة نيل وفرات:"لم أفاجأ حين وجدت عمتي وراء الباب ساخطة فهي حين تغضب تقول ألفاظاً مخيفة من داخلها. كانت ابنة السبعين العذراء تصرخ رافعة رأسها دافعة أنفها بالحبة القبيحة التي عليه في وجهي. كنت أكرهها عندئذ. أما المرأة الجالسة في الفناء فلم يبد عليها أنها تتبادل كلاماً كثيراً مع أمي. وجدتها ...باهتة بثوبها الرمادي القريب من لون وجهها الداكن الذي يبدو وكأن عِرقاً آخر اندس فيه. لم أقترب منها ولم تلاحظني بسرعة. قالت أختي إنها صفية التي كانت خطيبة عمي. بعد عشرين عاماً وبعد وفاة أبي هذا الخريف لم يعد ذكر عمي ينقلني إلى أي فكرة. حفظنا طويلاً كسرّ ثم اختفى ككل الأسرار دون ا، يترك أثراً، خصوصاً بعد أن عادت عمتي حاملة معها من بيتها في "دكار" سكين المطبخ المثلومة وطناجرها وحقيبة كبيرة ملأى ببدلاته وقمصانه وربطات عنقه وطقم حلاقته. بدت ثيابه فضفاضة على أخي، وأبي، الذي وجد فرصة ليتحرر من ذكرى أخيه، تقبل ذلك بكل الحاجة لتحويل أمل متحجر انقلب مع الزمن إلى ثقل سخيف وأخرس. قالت المرأة وهي تتأملني، أنني أشبه عمي وكنت أشعر أنها لم تقل هذا إلا لأنها لم تعد تتذكره جيداً، فقد تعلمت من الجميع أنني أشبه أمي، وكان هذا وحده مدعاة لأكره وجهي، أما شبيهه الحقيقي فأخي. هكذا قالت عمتي لكنها بعد وفاة أخي في حادث بدأت تقول أنني أيضاً أشبهه وتبني على ذلك أوصافاً طالما أزعجتني لأنها تكذب على وجهي وملامحي وصفاتي أمامي. قالت المرأة وهي لا تزال تتأملني أنني أشبه أمي أيضاً ونظرت إلى أم وكأنها تقول لها. لاحظت لأول مرة طول أصابعها ولم أتنبه إلا بعد ثانية إلى أنني توقفت عند شفتها الملمومة والحاوية على نحو لا يتفق مع لونها الذي بدا قريباً من الغبار. تحدثت معي ومع أمي ولم تقل كلمة واحدة عن عمي. تساءلت من أين عرفت أختي التي بقيت مع ذلك في الغرفة تراقبنا من الشابك، فيما عمتي دائماً وراء الباب وتخرج أشياء فظيعة من داخلها". إقرأ المزيد