الزواج الديني في لبنان وأشكالية الزواج المدني المقترح دراسة - مقارنة
تاريخ النشر: 01/01/2001
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:يعتبر موضوع الزواج الديني من المواضيع الحارة، وأهميته، تنبع من سيل الإشكاليات المحيطة به، ومن الالتباس الذي يصل إلى حد الغموض، نظراً للتشابك الحاصل بين المفاهيم؛ فبعيداً عن الضجيج، الذي يحتل كل فضاءات العقل والنفس وعن الصور السياسية التي ترسم عن هذا الموضوع وبقراءة فقهية وقانونية هادئة وبرؤية مختلفة ...عما نشر وقبل عن موضوع الزواج، يمكن القول: إن المنطق الفقهي والقانوني يفرض على الباحث، أن يشخص المشكلة تشخيصاً صحيحاً، حتى يستطيع أن يعالجها دون أن تترك هذه المعالجة أي ندوب على الاجتماع السياسي والقانوني اللبناني، فالحديث إذاً عن الزواج الديني (الكنسي)، أو الشرعي (الإسلامي)، والمدني، يتطلب معرفة ودراسة وبحثاً وتدقيقاً بكل صيغة من هذه الصيغ، قبل رفع الصوت بالقبول أو الرفض.
وبالتالي فإن قراءة عقد الزواج لا يمكن أن تتم معزولةً عن الإطار العقائدي الحاضن لهذه المفردة، لأن الفهم المستقيم، هو ما قام على رد الفرع إلى أصولها، والنتائج إلى مقدماتها، والأحكام إلى غاياتها... فالزواج في لبنان بوجه عام ينتظم عبر عقود دينية فقط، ولا وجود لعقد زواج علماني (مدني)، ويجب هنا التأكيد على أن الزواج الديني هو نقيض للزواج العلماني المدني، وذلك لأن المشرع في الزواج الديني الكنسي هو الله والكنيسة (البابا، والمجامع المسكونية الملتئمة بأمره). وفي الزواج الإسلامي، فالمشرع هو الله، والرسول صلى الله عليه وسلم. أما في عقد الزواج العلماني، فالمشرع هو الإنسان المنتدب لمهام التشريع الوضعي (المجلس النيابي)، ومن جهة ثانية، فإن ما يسمى بالوصاية المفروضة من رجال الدين، والوساطة التي يقومون بها مع الخالق فيلاحظ أنه لا يوجد في الإسلام ما يسمى برجال الدين بالمعنى الطبقي الاجتماعي الموجود في المجتمعات غير الإسلامية (إكليروس عند المسيحيين حاخامات عند اليهود، وذلك لأنه لا يوجد في الإسلام أي معتقد أو تشريع، يمكن أن يتكون بسببه أو لأجله جماعة كهنوت، كالتي وجدت في سائر الأديان الأخرى. فموضوع صلاحيات المراجع الدينية الإسلامية في موضوع الزواج، لا يتعدى بيان الحلال والحرام، وتطبيق الأحكام الشرعية، دون أن يحق لهذه المراجع التضييق على أحد، أو التفسيح لأحد، فالزواج في الإسلام هو عقد مدني لكنه غير علماني، لأنه لا يخضع لسلطة دينية معينة، بل لأحكام الشريعة وحدها.
والجدير بالذكر أن العلمانيين في لبنان والمطالبين بالزواج المدني قد ارتكبوا خطأ فادحاً، عندما ساووا في نظرتهم ما بين الإسلام وغيره من الأديان حيث تشريع الأحوال الشخصية، وحاولوا تعميم ما قد يكون مشكلة ناتجة عن بعض عقود الزواج الدينية لدى طوائف معينة، بوصفها مشكلة لكل اللبنانيين، ولجأوا إلى استعمال بعض المفردات، والعبارات، والشعارات المثيرة (الحداثة، دولة القانون إلخ). وربطوا هذه المفاهيم بعضها ببعض على نحو مطلق وحتمي، وهذا ما ينطوي على عيب استدلالي ومنهجي واضح، هذه التصورات المتناقضة كانت الدافع لهذه الدراسة لتبيان بعض الحقائق الخافية على بعض المتعلمين والمستخفية عن البعض الآخر لعلها تجيب على التساؤلات التي طرحتها دعوة الزواج المدني في فكر اللبنانيين عموماً وفي فكر بعض المسلمين خصوصاً.
وهي بشكل عام موزعة على أربع ركائز هي التالية: 1-التطرق إلى الديانات السماوية الثلاث، ومصادر التشريع فيها، وتفرعاتها المذهبية والطائفية في لبنان، ومراحل الاعتراف بها، وبقوانينها المتعلقة بالأحوال الشخصية. 2-المقارنة بين هذه الديانات والمذاهب، في كل ما يتعلق بعقد الزواج وآثاره. 3-التعريف بالزواج المدني العلماني، وإجراء المقارنة فيما بين المشاريع المقترحة. 4-المقارنة ما بين الزواج الديني والشرعي، والزواج العلماني "المدني" المقترح، وأوجه الاختلاف الناتجة عن هذه المقارنة، للوصول في نهاية الأمر إلى وضع خلاصة، عما هو حاصل فعلياً. إقرأ المزيد