تاريخ النشر: 01/01/1986
الناشر: دار طلاس للدراسات والنشر
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:الفن صيغة الحضارة الأولى، وإذا كان لا بد من الحديث عن حضارة واحدة انتشرت موحدة متنوعة في ديار الإسلام، فإن ما يسمى بالفنون الإسلامية هو هذه الصيغة الحضارية الإبداعية التي تنتسب إلى تلك العقيدة الواضحة فكراً وتطبيقاً، والتي تجلت مكتوبة أو ممارسة، واستمرت متنامية دون أن تخرج عن أساسها ...العقائدي وفلسفيتها الواسعة التي لم تصل فلسفة أخرى إلى حدود اتساعها وانتشارها.
ولذلك فإن نسبة هذه الفنون إلى تلك العقيدة، قد أعطاها طابعاً ثابتاً، واضح الشخصية، وجعلها موحّدة باستمرار، وتتجلى هذه الوحدة في الشكل والمضمون مهما تباعدت المسافات ومهما تتالت الأحقاب.
إن طابع الوحدة، هو الذي دفع الدكتور عفيف البهنسي للحديث في هذا الكتاب وبآن واحد عن جميع الفنون التي ظهرت حتى الإسلام في جميع البلدان من الهند إلى الأندلس، وهذا لا يغير الاعتقاد بأن هذا الفن نشأ في البلاد العربية التي نشأ الإسلام فيها، وحمل أولاً هوية العرب الذين نشروا هذه العقيدة. وقد كان المسجد الحيّز الأول الذي استوعب إبداع الفنان، وكان يمكن لهذا المسجد أن يبقى كما كان عليه مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، ولكن الإسلام وقد أصبح قاعدة للحضارة، فإن الناس أخذوا يتسابقون أيضاً إلى ربط الأشكال المعمارية والصيغ الفنية بالمفهوم العقائدي الذي أخذ يتنامى في ذهنهم وقلبهم يوماً بعد يوم.
وإذا امتاز الفن الإسلامي بوحدته، فإنه يمتاز أيضاً بتنوعه، ولسنا نعتقد أن فناً من الفنون في العالم حافظ على شخصيته الواحدة كالفن الإسلامي، على الرغم من تنوعه الخصيب الذي قدمه بشكل لا يجارى. ويتمثل هذا التنوع في العمارة التي بدت متطرفة في تنوعها حتى أصبح من الممكن الحديث عن طرز ذات أسس معمارية مستقلة. ترى ذلك عند مقارنة مسجد في أصفها وآخر في استانبول وثلاث في القيروان مثلاً عندها نرى الفرق شاسعاً جداً في الأسس المعمارية، لكن ذلك لا يعني الحديث عن شخصيات فنية مختلفة، ذلك أن الأسس الجمالية تبقى واحدة مهما تنوعت الطراز المعمارية، ويبقى ذلك صحيحاً عندما يتحدث الدكتور البهنسي عن تنوع الخط العربي الذي بقي حاملاً شخصية واحدة لأنه يقوم على استعمال حرف واحد مهما تنوعت أشكال هذا الحرف، فبدا هندسياً كونياً مرّة، أو ليناً نسخياً أو رقعياً أو ديوانياً مرات أخرى.
ولقد توسع الدكتور البهنسي عند البحث عن فلسفة الفن الإسلامي، الذي لم يعطى حقه الكامل في البحث عند منظروا ومؤرخو الفن الإسلامي على الرغم من أهميته البالغة في تحديد هوية الفن الإسلامي، وتحديد أبعاد جماليته المستقلة عن جماليات الفن الأخرى.
ثم أفرد أكثر من فصل للحديث عن الجامع بأشكاله المعمارية المختلفة وزخارفه الفنية، وتحدث عن التصوير التشبهي وغير التشبهي الذي نفذ بالألوان أو بأحجار الفسيفساء، أو نفذ على قراطيس المخطوطات، كما تحدث عن الفنون التطبيقية باختلاف مادة صنعها. وقد اعتمد كثير من الاستشهادات الواردة في ثنايا هذا الكتاب على الكشوف الأثرية والدراسات التي قدمها علماء مشهورون من أمثال كريزويل ومارسيه وايتنغهاوزن وغرابار وغيرهم، ممن عرض الدكتور البهنسي أسماءهم وألمح إلى جهودهم. إقرأ المزيد