تاريخ النشر: 01/01/2004
الناشر: دار الشرق للطباعة والنشر
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:الخط العربي هو فن إبداعي بذاته له مدارسه واتجاهاته، وله مبدعوه والموهوبون فيه، وينتقل في تكوينه -شأنه شأن الفنون الأخرى- من الاتباعية المدرسية إلى الإبداعية المتطرفة، وبهذه الصفة استطاع الخط العربي أن يستمر في تاريخ الفن الإسلامي تياراً له شخصيته المعبرة عن كل عصر، والمعبرة عن نزعات مختلفة مرتبطة ...بمستوى الثقافة والمجتمع الذي نما فيه هذا الفن. ومع أن الكتابة أصلاً هي لنقل الأفكار، فإن الخط الجميل قد استفاد من هذه الأفكار عندما تكون قدسية فشرف بها. وعندما تكون هذه الأفكار رسمية فإن الخط الجميل يضفي عليها جلال السلطة وهيبتها، وإذا كانت الكلمة فقرة في قصيدة شعرية، تآخى جمال النظم مع جمال الخط وتآزراً لتقديم لوحة فنية متكاملة. وقد لا يكون للكلمة قصد عام، عندها يبقى الخط متفرداً للتعبير عن موقف إبداعي صرف.
إن تعدد أنماط الخطوط العربية جعل هذا الفن من أغنى مظاهر الإبداع. فلسنا نرى في فن التصوير مثلاً ما يضاهي الخط العربي في تنوع أساليبه وأشكاله، فلقد استوعب الخط العربي أنماط التصوير من واقعية واتباعية وتعبيرية ورمزية، وتجاوزها إلى أشكال أخرى جعلته يدخل مباشرة في بنية فنون أخرى، كالعمارة والرقص والموسيقا والفنون الشعبية. إن شيئاً من أواصر الفنون يتجلى في الخط العربي، بل نستطيع القول إن (جميع الفنون الإسلامية خط).
على أن هذا الفن الشريف ليس سهل المنال، فهو يحتاج إلى موهبة ودربة وحس رقيق، ولذلك فإن إعداد الخطاطين لم يكن بسهولة إعداد (المصورين). ومع أن الخط العربي يعتمد على مقياس عضوي أو (مودول)، فإن كتابة الخط لا يمكن أن تتم تطبيقاً لقاعدة، وليس بمقدور فنان مجود أن ينجح في تنفيذ خط جميل، ما لم يكن خطاطاً بسليقته وعفويته، بل إن جميع القواعد والأصول إنما استقرت نتيجة الممارسة العفوية العبقرية، فأصبحت مقياساً ليس للتطبيق بل للتحقق من كمال العمل المخطوط.
وقبل أن يعد الخط فناً، كان وما يزال حاملاً لمضمون فكري، وإذا كان التعبير عن هذا المضمون ميسوراً في أية كتابة تلقائية، فإن الخط الجميل يزيد المضمون بياناً، كما أن الخط التلقائي الفاشل يزيد المضمون غموضاً، وبخاصة عندما تعددت أسس أشكال الخطوط التلقائية بين الشرق والغرب، فأصبحت العودة إلى جمالية الخط العربي ضرورية، لتوحيد الكتابة وتسهيل القراءة. من هنا بدا تدريس مادة تحسين الخط أساسياً في مناهج التعليم. وفي هذا الكتاب توضيح لطريقة الانتقال من الكتابة التلقائية الكيفية، إلى الكتابة بالخط الجميل. ثم يوضح لتقنيات هذا الخط وطريقة استعمال أدواته، والالتزام بقواعده.
لقد كان الخط الجميل إنتاجاً فنياً يمارسه الخطاطون المبدعون، وعندما ظهرت آلات الطباعة ثم الحواسيب، زاحمت الخطاطين في أداء مهمة تثبيت قواعد الخط الجميل وتسهيل الحصول عليه وتعميمه. ولا يخلو خط الحواسيب من مثالب، أهمها انحسار دور الخطاطين في تجويد الخط وممارسته والكسب منه. ولكنها تبقى مفيدة جداً في ترسيخ أشكال الخط الجميل عند المتعلم والمثقف.
والخط الجميل فرع من الفنون الجميلة التي تقوم بدور وظيفي تعليمي، إضافة لكونها آيات فنية تعبر عن الجمال والروعة التي تحقق الارتياح والسعادة عند المتلقي. وهذا الكتاب يتناول أيضاً الرسم كمادة تعليمية، فيتحدث عن أهميته وقواعده وأنواعه. كما يتحدث عن الزخرفة بوصفها رسماً وبوصفها صيغة متضامنة مع الخط، وتناول الكتاب الكلام عن دور الحاسوب في تشكيل وتحضير الخط والرسم والزخرفة.
إن مادة تقنيات الخط العربي والرسوم التلعيمية في مجال التربية، ما زالت مادة جديدة، وإذا ما تأخرت العناية بها فإن استدراك تدريسها يعد شكلاً من أشكال تطوير دراسة التربية وتوسيعها، ولعل هذا الكتاب يغطي الحاجة المطلوبة في مناهج وأصول التدريس الحديثة في هذا المجال. إقرأ المزيد