تاريخ النشر: 01/01/1997
الناشر: دار العودة
نبذة نيل وفرات:أخطر ما يتعرض له مفهوم النقد الحديث عندنا هو الفصل بين النقد-بوصفه علماً من العلوم الإنسانية له نظرياته وأسسه-وبين النقد من حيث التطبيق. فمن الواضح أن هذه النظريات والأسس لا تتوحد مع النتائج الأدبي بوصفه عملاً فردياً، فهي لم توجد ولم تتم متجردة من الأعمال الأدبية في مجموعها وملابساتها، ...ولكنها نتيجة لعمليات عقلية تركيبية مبدؤها النظر الدقيق والتأمل العميق للنتاج الأدبي وثمرتها التقويم لهذه الآمال‘مال في ضوء أجناسها الأدبية وتطورها العالمي.
وإذن لا منافاة بين النقد نظراً وعملاً، بل لا بد من الجانب الأول ليثمر النقد ثمرته، بتقويم للعمل الأدبي، صادر عن نظريات تبين عن الملتقى العام للمعارف الجمالية واللغوية في تاريخ الفكر الإنساني. وهي غير معزولة-طبعاً-عن التجربة الأدبية، كما يزعم بعض أدعياء النقد وأعدائه.
في هذا الإطار يأتي كتاب "النقد الأدبي الحديث" وهو كتاب تمثلت نواته في الطبعة الأولى من كتاب "المدخل إلى النقد الأدبي الحديث" عام 1958. حيث كان المؤلف قد قصد فيه إلى تيسير ممارسة النقد الحديث للقارئ العربي وذلك على أساس نظري منهجي لا يمكن أن يكمل، وبخاصة في النقد العربي، إلا بتتبع الجانب التاريخي للنقد العالمي الذي تأثر به النقد العربي القديم، وبالوقوف على الأسس الجمالية العامة التي أثرت في النقد الحديث، ولها مع ذلك مصادرها وأسسها القديمة، لوصل النقد العربي الحديث بالتيارات النقدية والأدبية التي لا غنى عنها في النهوض بالأدب العربي.
ومن ثم قام المؤلف وفي الطبعة الثانية من كتابه السابق، عام 1962، بإضافة الكثير من مذاهب النقد وفلسفاته الجمالية والاجتماعية لإكمال دراسة الأجناس الأدبية، مستبدلاً بعدها العنوان بعنوان جديد وذلك بعد استكمال واستيعاب دراسة جميع مذاهب النقد الحديثة، وبعد الكشف عن التيارات المعاصرة وتقويمها، مع ربطها بجوانب التجديد في الأدب العربي المعاصر. ومؤثراً لكتابه هذا الاسم الجديد: النقد الحديث، كما تولد من مصادره الأولى القديمة، وكما تطور على حسب فلسفات الجمال الحديث، ونظريات الأجناس الأدبية، والمذاهب النقدية. وفي هذه الطبعة التي هي بين يدي القارئ قام المؤلف، وإلى جانب الشروح التي أضافها إليها، قام بتهذيب كثير مما كتبه في الطبعتين السابقتين، مشذباً ما سبق أن دوّنه فيهما، إما بالحذف أو بالتنقيح، وإن بقي المنهج العام واحداً، وهو عرض تيارات النقد وفلسفاته العالمية والعربية، مع تعزيز الجانب النظري بالأمثلة والتطبيق على الآثار الأدبية، عالمية كانت أم محلية.
وتجدر الإشارة إلى أن غاية المؤلف من كتابه هذا هي غايته من كتبه الأخرى في النقد وفي الدراسات المقارنة؛ ألا وهي دعم الوعي النقدي، بإقامته على أساس نظري وعملي معاً، عن إيمان وقناعة بأنه لا غنى عن الجانب النظري في النقد بعد أن أصبح علماً من علوم الدراسات الأدبية، كما هو شأنه اليوم بين أهل الآداب الكبرى. إقرأ المزيد