أبو الحسن العامري ؛ التربويات والمذهب الأخلاقي في فلسفة السعادة ومانعات الإسعاد
(0)    
المرتبة: 94,289
تاريخ النشر: 28/04/2022
الناشر: مكتبة حسن العصرية للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:يمثل أبو الحسن العامري؛ البطل، النمط، العمدة الحادي عشر في الفكر التربوي، منفصلاً مميّزاً عن علم السياسة وعلم الأخلاق، وحاضناً لعلم "سياسة الولد" التي هي قطاع من قطاعات سياسة المنازل وتدبيرها؛ وعن "الوصية للولد"؛ وحتى عن علم محاسن الكلم، والحكم، والأمر بالمعروف؛ والنهي عن المنكر، وعن الأدابية كما الينبغيات، ...وأدب المرايا (الآبينات)، والوعاظة.
وبقدر ما يتميز العامري بأنه صاحب مقعد مرموق بين فللاسفة "مدرسة بغداد" في عالم (حقل، ميدان، فضاء، دنيا) التربويات؛ فهو يتميز أيضاً في عالم المذاهب الأخلاقية، والمذاهب السياسية، والإقتصادية والتاريخية، وهو إلى ذلك، عمدة في نظرية فلسفية تعددية، وغنية كونية محورها السعادة والإسعاد...
فالمذهب السعادوي ( = السعادانية في الميثولوجيا اليمنية) مذهب الأبا والأنت، أو الذات (الشخصية، الفرد، الشخص) وذات الآخر، والمعافى هو أن المذهب السعداوي الإسعادي يتمحور أو يتمركز حول الذاتي والغيري، الذات والذات الأخرى، وينفتح (يطلُّ، يُشرف من علٍ، يوصل) على النخن بمختلف درجاتها (في الأسرة، المدرسة، المهنة) وعلى النخناوية البشرية ومعناها، مسارها وسيرورتها وسيرتها؛ بل وغاية غاياتها ومستقبلها.
من هنا، فإن هذا المذهب السعداوي كينوني أيضاً، متفائل، أي يجعل أو يرى أن معنى الإنسان هو قيمته وأخلاقه، ميزاته البشرية أو حريته واستقلاله، وأن كنهه وماهيته أو أيْسته وكينته ليست هي الثروة أو الجاه، العِرقْ أو الطائفة؛ إنِ الدينية أو الإجتماعية (الطبقة، الشريحة، الدرجة).
وذلك أيضاً مذهب أو قول عقلاني، وفكرٌ، أو نظر ورؤية وإدراكٌ، وآرائية (مواقعية) في السيرة البشرية؛ أي بحسب المصطلحات الفلسفية الراهنة، في الصيغة والنموذج كما النزعة والمعادلة والرؤية العامة المسكونية [...].
ضمن هذه المقاربات تأتي هذه الدراسة التي راعى فيها المعلم الدكتور علي زيعور، الإبتعاد عن تفسير وتحليل وتلخيص، مقولات العامري في التأديب والتعليم والتهذيب، وفي نقل القيم والفضائل والأدابية...
بمعنى أنه لم يعمد في عمله البحثي هذا إلى دراسة أو قراءة العامري من حيث هو ذو خطاب فلسفي في علم الأخلاق، أو علم السياسة والإقتصاد، وفي علم تدبير المنازل (سياسة النفس، سياسة الدخل والخرج، سياسة المرأة والولد، الأهل وكبار السنّ وسائر الناس...)؛ أو حتى في علم الكلام، والفكر الفلسفي اليوناني - اللاتيني (الشركي - الإسلامي - المسيحي) والتصوفات العرفانية الفكرية كما الإجتماعية السياسية، كذلك لم الباحث حاجة للتدقيق والتأويل في تضاريس عالم العامري الفكري الواسع والكثير، وذلك لأنه عمد إلى تقديمه في بحثه هذا؛ نصّه مستلاًّ من كتابه "السعادة والإسعاد..." ولأنه من جهة أهم ونافعة جدّاً، لجأ إلى عرضها في سلسلة أبطال التربية (كما التعليم والتأديب)، وذلك في إطار تحليل موسع متابعاً، وملاحقاً بالتفضيل، وإعادة التسمية والفهم لنظرية ونصّ كل منهم.
وهنا، يشير الباحث بأن ابتعاده عن الفرق في التكرار، تكرار عرض النظرية، أو إعادة قراءتها، هو ما دفعه إلى الإكتفاء بالإشارة والإلمامة إلى ما يميز العامري عن المفرين التربويين (ومن ثم الأخلاقيين، والسياسيين...)، مؤكداً، وبأنه وعلى سبيل الشاهد، مختلف؛ بل مفترق متباعد عن التأثر بالمدرسة البديسونية - السيناوية في السياسة النفسية للمنزليات.
وبعبارة أخرى، لم يتبين أنه أعجب أو تبنى وأخذ عن ابن سينا - بريسون نظرية السياسة النفسية الأخلاقية في تدبير المنازل (سياسة النفس، الإنتاج والإنفاق، المرأة، الولد...)، وهو بذلك، كما يذكر الباحث، يفترق عن ابن مسكويه التربوي، مضيفاً بأن العامري قد افترق عن التربية التي تميز بها الفلاسفة العرب، وعن التربية عند علماء الكلام، وعند الفقهاء، والمقمشين الآدابين، والصوفيين العرفانيين كما الإجتماعيين.
وأخيراً، يشير الباحث بأنه قد أشار في ثنايا دراسته هذه إلى التباص أوقفه فيه بعض الباحثين القدامى؛ إن المدرسة العربية الراهنة، أو حلفة بيروت الفلسفية والصوفية والرقمانية، شككت في دراسته للوعي الأخلاق؛ أي للأنا العليا في اعتبار العامري سبّاقاً أو مرهصاً بفهم ابن رشد للمرأة منهما إيجابياً (متابعاً لموقف أفلاطون في "الجمهورية" من المرأة).
وحول هذه "الإشكالية" بات يرى في الدراسات الحاضرة، الأوضح والواضح؛ فالعامري، كما يذكر، لم ين إلا ابن عصره وزمانه، ولم يقفز خارج مكانة وحضارته. إقرأ المزيد