ملخص كتاب " مشروع النهوض الحضاري ونماذجه التطبيقية "
تاريخ النشر: 01/01/2021
الناشر: الصفوة للدراسات الحضارية
نبذة نيل وفرات:إن الدراسات الإستراتيجية التي تتجه إلى بناء تصورات ورسم خطط وصياغة سياسات وبرامج، لا بد أن تنطلق من مراجعة الجهود السابقة من خلال قراءة تقويمية في هذه الجهود، تحدد مناط المشترك بينها ومناط الإختلاف، كما تحدد قدر المحقق وقدر المفتقد، ومن ثم مناط التراكم الواجب القيام عليه.
والقيام على بناء ...مشروع نهضة للأمة ذي طابع إستراتيجي وحضاري وسطي هو قضية مصيرية لا يقوم بها أفراد، ولكن يجب أن تنهض بها مؤسسات أو جماعات، إنطلاقاً من رؤى واضحة تربط بين المرجعية وخبرات التاريخ وفقه الواقع، وحيث إن قضية نهضة الأمة تقع في قلب اهتمام مفكري الأمة وناشطيها وساساتها، فلقد تواترت وتراكمت عبر عقود ممتدة الأدبيات والأعمال البحثية التي تعالج أبعاد هذه القضية المتداخلة في امتداداتها الزمنية عبر قرنين (منذ نهاية القرن الثامن عشر الميلادي)، حيث على وصف هذه الحقبة بـ: الإصلاح، التجديد، الإحياء، النهضة العربية أو الإسلامية وغيرها.
ضمن هذه المقاربات تأتي هذه الدراسة التي تنطلق من رصد ومراجعة الأدبيات المعنية لإستكشاف ملامح حالة التفكير في هذه القضية؛ على الأقل خلال العقدين الماضيين: العقد الأخير من القرن العشرين، والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين.
وقد تراكمت الأعمال التي نتساءل عمّا تم وعمّا أخفق، وعمّا يجب أن يتم بالنسبة لقضية نهضة العرب والمسلمين، الأمر الذي انعكس على إطلاق سبيل من الأسئلة الكبرى التي تدور بمجملها حول التهديدات الخارجية، ووطأة التحولات العالمية، وأسباب فشل جهود النهضة، وموانع تحقيق الإستقلال الحضاري، وكيفية تحسين موقع الأمة داخل المنظومة الحضارية السائدة، وإمكانية تأسيس حضارة جديدة بمنأى عن الحضارة الغربية المعاصرة، والآليات المحتملة لتوحيد المسلمين، والعوامل أقصتهم إلى هامش الحضارة.
ونظراً لأن هذه الإشكاليات الكبرى وغيرها جرى تناولها في العديد من الأدبيات خلال العقدين الماضيين، فقد سارت هذه الدراسة الإستكشافية وفق المنهجية التالية: 1- رصد هذه الأدبيات؛ سواء أكانت فردية أم جماعية، عربية أم إسلامية، كليّة أم جزئية، ذلك أن فهم المسار الحضاري يشكل ضرورة مسبقة وتمهيد لازم وضروري لأي جهد منظم نحو بناء استراتيجي حضاري، على أن يلي ذلك، بالطبع، فقه رشيد للواقع ينبني عليه مكر إستراتيجي يحدد الرؤية والمنطلق، 2- قراءة أفقية تعمل على تجميع ملامح خرائط الموضوعات المتصلة بقضية النهضة، فهي تحاول أن ترسم خريطة الجهود التقويمية، وفيها تم التمييز بين نوعين: الأول: الأدبيات والكتابات التقويمية التي تقدم رؤى وتصورات فكرية؛ كلية وجزئية، الثاني: المعيار الحضاري: قويم أو إسلامي، والثاني: داخل في الأول.
كما سيلحظ القارئ ذلك في ثنايا هذه القراءة الأفقية والتي ستكون موضوع الجزء الأول في هذه الدراسة، قراءة رأسية: التي تمثل محاولة لتقديم نتائج القراءة الأفقية في مجموعات نوعية من الموضوعات التي تتصل بقضية النهضة.
وتتضمن هذه العملية أمرين: الأول: استخلاص الأبعاد ذات الحضور في مجمل الأدبيات الثاني: البحث عن الغائب، وهذه القراءة ستكون موضوع الجزء الثاني في هذه الدراسة.
وعلى ضوء نتائج هذه المراجعة المنهجية الثلاثية سيتم تقديم استنتاجات الدراسة من خلال عرض الخصائص العامة الكبرى لحالة التفكير الراهنة في أزمة النهوض وكيفية اجتيازها وفق الآتي (وهذا سيشكل الجزء الثالث لهذه الدراسة)، 1- تحديد متطلبات بناء مشروع نهضة للأمة، 2- تحديد الخطوط العريضة لمشروع نهضوي حضاري للأمة العربية والإسلامية، 3- تحديد مقاييس كفاءة المشروع الحضاري ونماذج تفعيله وتشغيله اللازمة لتحويله من الدعوة إليه إلى العمل به.
وأخيراً لا بد من الإشارة إلى أن هذا العمل يأتي ضمن سلسلة "مداخل النهوض الحضاري" المنبثقة عن رسالة تبناها لمركز الصفوة للدراسات الحضارية.
حيث تقوم هذه الرسالة على رصد النتاج النهضوي وتقديمه كنسق معرفي كامل، قابل للتوظيف والبناء عليه،
واضعاً بين يدي النخبة المثقفة هذه السلسلة، والمستهلة بهذا الجهد النوعي المتمثل بهذا الكتاب الذي بين يدي القارئ "مشروع النهوض الحضاري ونماذجه التطبيقية".
أما الجهد الذي بذله مركز الصفوة في هذا الكتاب فهو يندرج ضمن مشروع نمذجة النتاج البحثي المعرفي النهضوي، من خلال تلخيص الدراسات النوعية تم تدعيمها بالخرائط الذهنية والجداول المناسبة، بما يؤدي إلى سهولة وسرعة وفعالية التعامل مع أفكار هذه الدراسات، وثم يتم إخراجها فنياً بما يحاكي القوالب العصرية في تقديم المعارف المثيرة والجاذبة ليكون في المحصلة مادة تدريبية مناسبة للدورات الفكرية في أكاديمية الصفوة الرقمية. إقرأ المزيد