تاريخ النشر: 17/04/2019
الناشر: معرض الشوف الدائم للكتاب
نبذة نيل وفرات:" إن إسمي هو تيمور بن محمد تاراغاي أمير شهري سيبز ( المدينة الخضراء ) ، وإنني أملك مطلق الحق في أن أدعو نفسي أمير سمرقند وحامي العقيد وملك العالم لأنني سرت على الصراط المستقيم وأعني به صراط شجرة الحياة . وكنت أكتشف ذلك الصراط ، والذي توجّب عليّ ...أن اسلكه في آخر يوم من شهر الصوم ، شهر رمضان ، عندما كنت في التاسعة عشرة من عمري ، أي عام خمسة وخمسين وسبعمائة بعد الهجرة . كنت قد جلست مع خادمي الشاب عبد الله ، ومع ما يزيد على عشرة رجال من سكان شهري سيبز ، في صباح ذلك اليوم في ظل المسجد الذي كانت عتمة ظاهرة لا تزال تظلله بفعل الجبال الشاهقة التي تنصب خلفه والتي تتصل بجبال بامير السابقة . وكان أبي ، الذي يرتدي ثياباً تشبه ثياب رجال الدين ، يجلس إلى يمين الإمام العجوز زين الدين الذي كان يتلو علينا بعض سور القرآن . وقد ابتسم أبي بارتياح وسرور عندما رآني أنصت إلى كلام الإمام باهتمام وشغف ، ولكنه ما لبث أن تجهم وقطّب حاجبيه عندما لمح خادمي عبد الله يملّ من كلام الإمام ويتململ خلف ظهري . كان أبي على ثقة راسخة بأنني سأغدو من رجال الدين أيضاً ، وذلك بعد أن انتهيت من تحصيل دراستي التي دامت أربع سنوات . ولكن بالرغم من أنني كنت أثبت نظري في وجه الإمام إلا أن عقلي لم يكن في الواقع مصغياً إلى السورة التي كان يقرأها ، فلقد كنت افكر بميدان لعبة كرة البولو ، وبمرمى السهام والنبال ، وبمخزن الأسلحة ، أكثر ما كنت أفكر بالمسجد والمئذنة . وقد كان الفارس إيلشي ، الذي يتولى قيادة الحامية الصغيرة المعسكرة قريباً من النهر ، هو الذي يتولى أمر تدريبي وإرشادي . ولم أكن قد تخلّيت ، كما أمر أبي ، عن لعبة الشطرنج وكرة البولو ورمي السهام والمبارزة بالسيف عندما كنت أدرس على يديّ الإمام زين الدين . وتحت إرشاد إيلشي ، في ركوب الخيل واستخدام الأسلحة في أثناء ساعات بعد الظهر التي كنت أقضيها في المعسكر أكثر مما أبديت من التقدم والمهارة في المسجد الهادىء الوقور . وشددت قبضة يدي تحت ردائي ، وتذكرت للتوّ مقبض السيف ، ثم اضطربت عضلات ذراعي عندما تذكرت الحالة النفسية التي يكون عليها المرء عندما يُحكم شدّ القوس لكي يطلق سهماً إلى هدف صغير . واشتعل الحنق في حنايا صدري أيضاً عندما تذكرت كيف أن الفرسان والمحاربين الشبان صبّوا عليّ جام تقريعهم وتعنيفهم وكيف سخروا مني بفظاظة وغلاظة ، ولكني كنت أعلم في قرارة نفسي أن سخرية أولئك الفرسان والمحاربين الشبان إن هي الأستار مصطنع يحتجبون به ويخفون عني حسدهم وغيرتهم من قوتي الخارقة ومهارتي الفائقة ... [ ... ] بأسلوب شيّق ممتع يروي الكاتب كوتبون أونيل سيرة تيمور والمعروف بتيمورلنك وتعني " لنك " بالفارسية " الأعرج " ، وذلك نتيجة لإصابته بجرح خلال إحدى معاركه . أما " تيمور " فتعني بالأوزبكية " الحديد " . كان تيمورلنك قائداً عسكرياً فذاً قام بحملات توسعية شرسة أدّت إلى مقتل العديد من المدنيين ، وإلى اغتنام مجتمعات بأكملها . عاش تيمور أيام صباه بين أفراد قبيلته " البرلاس " الأوزبكية ، ويُقال أن أمه من سلالة جنكيز خان . أتقن تيمورلنك فنون الحرب الشائعة عند القبائل الصحراوية من الصيد والفروسية ورمي السهام ، حتى غدا فارساً ماهراً ، متقناً لرمي السهام ، واعتنق الإسلام على يد السيد بركة عندما التقى به في بلدة بلخ . وقد كان له دوراً هام ( في الفترات اللاحقة ) في تشجيع تيمورلنك على غزواته . قام تيمورلنك بتنظيم جيش ضخم من المغول ، وبدأ يتطلع إلى بسط نفوذه إلى ، فاتجه إلى خوارزم ، ونجح في ذلك بعد غزوها أربع مرات ، حيث استولى عليها وضمها إلى بلاده ، وكبرت طموحاته ، فكانت له السيطرة على صحراء القفجاق ثم خراسان وبحستان وأفغانستان ، وانطلقت جيوشه من ثم لفتح أذربيجان وتستولي على إقليم فارس وتغير على أصفهان ، وبلغ عدد القتلى فيها سبعين ألفاً أقام تيمورلنك من جماجمهم عدة مآذن . ولم تقف انتصاراته وشراسته عند هذا الحد ، فكانت له مواجهات وغزوات وانتصارات عديدة ، لم تنجُ منها آسيا الصغرى . فكانت له معركة هائلة عرفت باسم " معركة أنقرة " حيث انهزم الجيش العثماني بقيادة بايزيد . ولم يكد يستقر في سمرقند حتى أعدّ العدة لغزو الصين ، ولم تتحمل صحته البرد القاسي هناك وكانت نهايته بعد أن دانت له البلاد من دلهي إلى دمشق ، ومن بحيرة آرال إلى العراق . ودفن في سمرقند في ضريحه المعروف بـ " كور أمير " أي مقبرة الأمير . تفاصيل وأحداث وسرديات شيّقة وغريبة في بعض الأحيان تأتي على لسان تيمورلنك نفسه الذي جعله الكاتب الراوي الذي استحضر تاريخ حياته بكل تفاصيلها من حروب وغزوات وعلاقات ولقاءات.. سيرة تاريخية موشاة بالخيال تستحق القراءة . إقرأ المزيد