تاريخ النشر: 09/04/2018
الناشر: دار النور المبين للدراسات والنشر
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:يقول الإمام أبي حامد الغزالي في كتابه "المنقذ من الضلال" في فصل "فأعضل هذا الداء ودام قريباً من شهرين".
والداء الذي قصده الإمام الغزالي هو "داء بطلان ثقته بالمعقولات"، حيث يقول واصفاً الحال الذي آل إليها في إدراك المعقولات: "وقد كان التعطش إلى درك حقائق الأمور دأبي وديدني، من أول ...أمري وريعان عمري غريزة وفطرة من الله وضعتا في جبلتي، لا بإختياري وحيلتي، حتى أغلّت عني رابطة التقليد وانكسرت عني العقائد الموروثة..." إلى قوله: "فقلت في نفسي إنما مطلوبي العلم بحقائق الأمور، فلا بد من طلب حقيقة العلم ما هي، فظهر لي أن العلم اليقيني هذا الذي ينكشف فيه المعلوم إنكشافاً لا يبقى معه ريب... ثم علمت أن كل ما لا أعلمه على هذا الوجه ولا أتيقنه هذا النوع من اليقين فهو علم لا ثقة به ولا أمان معه، وكل علم لا أمان معه فليس بعلم يقيني، ثم فتشت عن علومي فوجدت نفسي عاطلاً من علم موصوف بهذه الصفة، إلا في الحسبان والضروريات..." إلى قوله: "فأقبلت بجدٍّ بليغ أتأمل بالمحسوسات والضروريات وأنظر هل يمكنني أن أشكك نفسي فيها، فانتهى بي طول التشكيك إلى أن لم تسمع نفسي بتسليم الأمان في المحسوسات أيضاً، وأخذ يتسع هذا الشك فيها" إلى أن يقول: "قد بطلت الثقة بالمحسوسات أيضاً، فلعله لا ثقة إلا بالعقليات التي هي من الأوليات كقولنا: العشرة أكثر من الثلاثة والنفي والإثبات لا يجتمعان في الشيء الواحد والشيء الواحد لا يكون حادثاً قديماً، موجوداً معدوماً، واجباً مجالاً، فقالت المحسوسات: بم تأمن أن تكون ثقتك بالعقليات كثقتك بالمحسوسات، وقد كنت واثقاً بي فجاء حاكم العقل فكذبني ولولا حاكم العقل لكنت تستمر على تصديقي فلعل وراء إدراك العقل حاكماً آخر إذا تجلىّ كذّب العقل في حكمة كما تجلى حاكم العقل فكذّب الحسّ في حكمه، وعدم تجلي ذلك الإدراك لا يدلّ على إستحالته..." إلى أن يقول: "فلما خطرت لي هذه الخواطر وانقدحت في النفس، حاولت لذلك علاجاً فلم يتيسر، إذ لم يكن دفعه إلا بالدليل ولم يكن نصب دليل إلا من تركيب العلوم الأولية، فإذا لم تكن مُسّلَّمة، لم يمكن تركيب الدليل، فأعضل هذا الداء ودام قريباً من شهرين أنا فيها على السفسطة بحكم المال لا بحكم النطق والمقال، حتى شفى الله تعالى من ذلك المرض وعادت النفس إلى الصحة والإعتدال... ولم ذلك بنظم ودليل وترتيب كلام بل بنور قذفه الله تعالى في الصدر... [...].
من هذا المنطلق، يأتي هذا الكتاب "الداء والدواء" حيث يقول المؤلف: "قد رأينا... كيف بطلت ثقة الإمام أبي حامد بالأوليات العقلية وبسائر المعقولات، ورأينا كيف شفي من هذا الداء العضال... ومع ذلك، فلربما طالع كلام أمامنا من تعلق الشكوك بفهمه ويتبلغ به المرض دون أن يمن الله تعالى عليه بالقدرة على المدافعة، ومثل هذا الشاك أريد أن أفاوض معه [...].
وقد ذكر المؤلف أنه كتب كتابه الموسوم بـ "الداء والدواء" 1435هـ / 2014م وسمعه منه نفر من الناس، والآن ينشره؛ وهو كتاب فلسفي صرف، جاء به المؤلف بما لم يسبقه إليه أحد، إذ هو هداه الله تعالى إلى داء شاف لداء الإمام الغزالي العضال، داء بطلان الثقة بالمعقولات.
وقد جرى في كتابه هذا ما جرى الإمام الغزالي في مضماره في كتابه "المنقذ من الضلال"، من هنا رأى أن يأتي الدواء الذي يقدمه على قدر الداء؛ وأيضاً، فإن للغزالي كتاب سماه "غور الدور"، وفيه رجع عن القول بصحة الدور في المسألة المشهورة المنسوبة إلى الإمام ابن سريج، وكان الغزالي قد صنف في ذلك قديماً كتاباً حافلاً سماه "غاية الغور في دراية الدور" فجاء الكتاب الصغير ناسخاً ككتاب الأول الكبير، وناقضاً له، وليتأمل المتلقي.
ويشير المؤلف بقوله: "هذا وحسب كتاب الداء والدواء أن يكون أول لبنة وضعت لبناء صرح فلسفي شامخ أرجو أن يتم تشييده في البلاد الشنقيطية إن شاء الله! [...]. إقرأ المزيد