تاريخ النشر: 01/01/2017
الناشر: المركز الثقافي العربي
نبذة نيل وفرات:وقد بات ليلة ذلك اليوم الذي سمع فيه ما سمع حزيناً أسيفاً ، وتحت جنح الظلام فتح كتاب مآسيه ليقرأ فيه كم عانى عندما عُيّن أول مرة مدرساً في بادية لا تربطها أية صلة بوسائل المدينة الحديثة ، ومع ذلك لم يقنط ، ولم يتوان في تأدية الواجب ، ...لأن النور الذي يشع من عيون تلاميذه الأبرياء ينفذ إلى قلبه ويضيء زواياه المعتمة . وكم ألجم رغباته وهو في أوج مراهقته لكي لا يخدش وجه الحياء في مقر عمله ولكي لا تشير إليه الأصابع بما يكدّر صفوه ، وينغّص عليه فرحته بمهنته وبما رسمه لمستقبله ، فكان مقر العمل بالنسبة إليه خلوة يتفرغ فيها للجد . وكم سهر الليالي وهو يستعد لاجتياز إمتحان البكالوريا في عزلة قاسية ، وكم أحس بمرارة خانقه لأن ظروفه السرية حرمته من استكمال دراسته ، واضطرته إلى العمل في سنّ مبكرة ، بات أيمن يحصى مآسيه وزفراته تلسعه حتى كاد يختنق ، ولم يخفف عنه حدّة هذا الأسى إلا كونه طالباً في السنة الثالثة بكلية الآداب بالرباط . وفي الجلسة الأخيرة أعلن القضاة براءة الحضريين ، لأنهم لم يعثروا في ملفاتهم على ما يثبت تحريضهم للآخرين ، باستثناء بعض الوشايات التي كتبت من طرف بعض المديرين بأمر من السلطات ، وقد فنّد المحامون صحتها ، واعتبروها وسيلة ضغط على المضربين غايتها الإنتقام ، بعد ذلك نقلوا إلى السجن المدني ليتسلموا أمتعتهم استعداداً للمناورة .... . لم يكد أيمن ينتهي من استعراض هذه الأحداث حتى وصل إلى مدينة الرباط ، نزل من الحافلة ، وذهب إلى عمارة السعادة ، وهناك وجد سليم جالساً ، وبعد لحظات أخبره بكل المستجدات والتفاصيل ، وفي الغد اتجه إلى وزارة التعليم حيث اتصل بـ " شاوش " كان قد تعرف به بواسطة أحد أفراد أسرته ، وحين حكى له ما وقع بينه وبين النائب الإقليمي في أزبلال ، طمأنه وقال له : هذا أمر سهل . دخل إلى مكتب الضابط وبعد لحظات خرج وفي يده نسخة طبق الأصل ، تسلمها منه شاكراً ، وفي طريقه إلى المنزل حدثته نفسه بأن هذا التعيين سيشهده في يوم من الأيام في وجه غريمه ، وسيكون هو سبب خلاصه من محنة التعليم الإبتدائي ، ثم عاد إلى الإنكباب على الدراسة والبحث ، يقضي معظم أوقاته في الكلية أو الخزانة العامة ، ولا يعود إلى المنزل إلا في المساء " المحن تضع الإنسان ، هذا ما تحاول هذه الرواية الوصول إليه . ففي هوامش الصمت دعوة إلى الصبر .. فلعل الفرج قريب . تأخذ المحن أيمن إلى عوالم يبقى فيها مع نفسه ، ليس له سوى الصمت رفيقاً ، وأنيساً ، وجليساً ... يحدث نفسه بآلامه بصمت ، تتوالى الصور أمام عينيه .. كما تتوالى سير الصمت ، التي تأتي ضمن هوامش على دروب حياته . كم اعتادها واطمأن إليها ، وجعل منها لحظات تأمل تساعده على تحمل الحياة بمآسيها . تتوالى الأحداث ... وما زالت تلك الهوامش فاعلة في حياة أيمن حتى بعد تحقيقه لآماله ، وبلوغه الأماني التي ما زال بعض منها عالقاً في هوامش الصدى " . إقرأ المزيد