أثر الغلط في المسؤولية الجنائية - دراسة مقارنة
(0)    
المرتبة: 102,166
تاريخ النشر: 12/07/2016
الناشر: دار السنهوري القانونية والعلوم السياسية
نبذة الناشر:بفعل التقدم الحضاري والاقتصادي يعيش العالم اليوم ثورة علمية شملت معظم مجالات الحياة. ومن أجل نجاح هذه الثورة العلمية وتحقيق أغراضها النبيلة تدخلت التشريعات بتجريم مجموعة من الأفعال سواءا الإيجابية أو السلبية منها .
وعليه، إذا كانت هذه الثورة العلمية قد شملت جميع مناحي الحياة المختلفة فإن التشريع بدوره عرف مواكبة ...لهذه الثورة. إلا أنه بالنظر إلى التعديل المستمر الذي تعرفه مجموعة من القوانين لكي تتماشى و مستجدات الحياة اليومية، أصبح الشخص لا يستطيع مواكبة هذه التعديلات في كل مجال .
و في هذا الإطار، و باعتبار المسؤولية الجنائية أهلية الشخص لأن يتحمل جزاء عقابي نتيجة ارتكاب فعل نهى القانون عنه أو ترك ما أمر به، وهذه الأهلية تشمل العوامل النفسية اللازم توافرها في الشخص. لهذا قد يرتكب الشخص وهو متمتع بكامل قواه العقلية، تحت تأثير من الجهل أو الغلط، سلوكا يجرمه المشرع الجنائي ويعاقب عليه. وهذا الجهل أو الغلط قد ينصب على الوقائعالتي تتكون منها الجريمة ويسمى هذا النوع بالغلط المادي. و قد ينصب على نص التجريم الذي يضفي على السلوك الصفة غير المشروعة ويسمى هذا النوع بالغلط القانوني. ومن ثم يثور التساؤل هل يجوز لهذا الشخص أن يتمسك بهذا الجهل أو الغلط لنفي المسؤولية الجنائية عن الجريمة المرتكبة ؟
و في ضوء ما تقدم، إلى أي حد يمكن الاعتداد بأثر الغلط على المسؤولية الجنائية في ظل وجود قاعدة قانونية عتيقة تذهب إلى أنه لا يجوز لأحد أن يعتذر بجهله بالقانون الجنائي على اعتبار أن العلم به يفترض في حق الكافة افتراضا غير قابل لإثبات العكس.
وبتعبير آخر، يثير الغلط في القانون إشكالا في التطبيق لاصطدامه بقاعدة لا يسوغ لأحد أن يعتذر بجهله التشريع الجنائي( المادة 2 من القانون الجنائي) فهل يعتبر العلم أو إدراك القانون عنصرا في القصد أو خارجا عنه؟ هل كل التشريعات قامت بالاعتداد بالغلط المادي و بالغلط في القانون؟ وإذا كان الأمر مخالفا فما هي تبريرات كل اتجاه لتأييد أو تفنيد هذا الاعتداد؟ وهل ينحصر تطبيق افتراض العلم بالقانون في النطاق الجنائي أم يشمل المقتضيات غير الجنائية أيضا؟
و على الرغم من البساطة الواضحة لهذه التساؤلات ، إلا أنها جديرة بالمناقشة. ولعل مناقشة هذه الأفكار ستؤثر في ضمان مبدأ أن الأصل في الإنسان البراءة و حسن إدارة العدالة الجنائية و ستحد من الاعتداء على حريات الأشخاص.
لهذا فإننا سنعمل على معالجة هذا الموضوع من خلال تقسيمه إلى مبحثين رئيسيين: سنعالج في المبحث الأول ماهية الغلط المادي و القانوني، على أننا سنحاول في المبحث الثاني إبراز أثر الغلط المادي والقانوني على المسؤولية الجنائية. إقرأ المزيد