المدخل إلى الفكر السياسي الغربي الحديث والمعاصر - الجزء الثاني
(0)    
المرتبة: 60,099
تاريخ النشر: 18/01/2018
الناشر: دار السنهوري القانونية والعلوم السياسية
نبذة نيل وفرات:أنتج الإنسان وتداول في الربع الاخير من القرن العشرين الكثير من المفاهيم الجديد مثل القرية الكوكبية، وعالمية الإتصالات، وكونية السوق، والشرعية الدولية، وموت الايديولوجيا، ونهاية التاريخ.
وإذا كان بعض تلك المفاهيم قد اضمحل أو غاب، فقد حظي بعضها الآخر بالإنتشار في شتى الأوساط والبيئات، وبات حاضراً في كل أنواع الخطابات ...الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والقانونية والادبية والفنية والتقنية والعلمية.
ولم تكن ثمة يوماً مشكلة في إنتاج المفاهيم وإنتشارها، ولا حتى في إضمحلالها وغيابها لا في هذا العصر، ولا في أي عصر سبقه، لكن المشكلة كانت دوماً في الإختلاف بشأن معاني المفاهيم ودلالاتها ومقاصدها؛ فالمفاهيم كتعبيرات لغوية إصطلاحية عن الوقائع والأفكار لا تولد من فراغ، ولا تولد في فراغ، ومن ثمَّ فإن لها حقولها الدلالية والغائية الخاصة والمستقلة عند منتجيها ومستخدميها، وهي حقول نتقارب في مواضع وتتباعد في مواضع أخرى؛ ليبقى لكل مفهوم منها في النهاية دلالاته وغاياته المنفردة والمميزة سواء عند إنتاجه أو تداوله.
ومن بين مجموعة المفاهيم الجديدة التي حظيت بالإنتشار والتداول مصطلح "GLOBALIZATION" الذي يترجم أحياناً إلى الكونية، وغالباً إلى العولمة، والأخير مفهوم ينفرد بسمات يتميز بها ويتقدم على ما سواه من المفاهيم المعاصرة، ولقد قيل إن العولمة "مفهوم مجرد مركب يعني الكثير ويختف معناه لدى الكثيرين"، وذلك صحيح، ولكنه لا يعني بالضرورة إفتقار هذا المفهوم إلى المعنى كليّاً، فالعولمة على المستوى اللغوي مصدر صناعي من (عالم أو كون)، ويعني في حال إستخدامه غلبة الطابع العالمي أو الكوني على الظواهر والنشاطات الفكرية والعملية بما يسمح بوصفها أنها ظواهر ونشاطات عالمية وكونية، وإذ تفرض عالمية أي نظام وتفترض الإنتشار العالمي لظواهر هذا النظام ونشاطاته، فقد كان من المحكم أن يحدث ترادف ولو جزئي بين دلالات مفاهيم العالمية والعولمة والنظام العالمي، وأن يصبح معنى كل منها ودلالاته، ولو نسبياً، إختزالاً لمعنى المفاهيم الأخرى ودلالاتها.
وليس هذا الترادف بالأمر الجديد، فقد ترادفت من قبل دلالات العالمية والعولمة والنظام العالمي وغاياتها في العصور التي ظهرت فيها أديان أو فلسفات ونظريات ذات طبيعة إنسانية عامة وشاملة، سعت لنشر دعواتها العقائدية في أوسع مساحة ممكنة من العلم بشرياً وجغرافياً، الأمر الذي ترافق أحياناً مع إقامتها لدول ذات إنتشار أو إمتداد عالمي، تقترن فيها عالمية أو عولمة العقيدة بعالمية أو عولمة الدولة.
هذا ويعود تاريخ ظهور مصطلح النظام العالمي الجديد السابق في النشأة والتداول على مصطلح العولمة والمرادف المعاصر له في المعنى والدلالة إلى وقت مبكر من القرن العشرين عندما تحدث رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل عقب الحرب العالمية عن النظام العالمي الجديد الناشئ عن إنتصار الحلفاء، والهيمنة العالمية للسياسات الأنجلوسكسونية، ثم أعاد الرئيس الأميركي روزفلت هذا المصطلح إلى التداول عندما استخدمه عام 1914، معتبراً أن إنتصار الولايات المتحدة حلفائها في الحرب العالمية الثانية سيؤدي إلى قيام نظام عالمي جديد، يكون جنة يتحرر فيها الناس من الفقر والجهل والمرض والظلم السياسي والإجتماعي.
ولم تكن الأوساط الأكاديمية الغربية بعيدة عن فكرة النظام العالمي الجديد، حيث استخدمتها منذ ثلاثينيات القرن العشرين لأسباب وأهداف متنوعة كما فعل الأمريكي روبرت باك في دراسة له بعنوان "الرمزية والتنشئة الإجتماعية"، واعتبر فيها أن مضمون التنشئة الإجتماعية للعالم تتجسد في إدماج سكان الأرض في إقتصاد عالمي يضع أساساً سياسياً وأخلاقياً جديداً شاملاً للحياة الإنسانية، واستخدمها مفكر أميركي آخر هو فرنسيس فوكوياما في العام 1989م في مقالته الشهيرة "نهاية التاريخ" والتي أطلق فيها نظريته عن تحول النظام الرأسمالي الليبرالي الغربي إلى نظام عالمي يحكم إنتشاره وتطبيقه في كل المجتمعات الإنسانية...
وهكذا يلقي الكتاب الضوء على معالم الفكر السياسي الغربي المعاصر والذي تطرق المؤلفون من خلاله إلى عدة مواضيع، مركزت على البحث في الفكر الليبرالي الغربي المعاصر بما اشتمل على الحديث حول، الفكر السياسي لليبرالية الغربية الخالصة، والفكر السياسي الليبرالي الغربي الجديد، ليتم الإنتقال من ثم لتناول الفكر السياسي اليساري المعاصر والذي تضمن بحثاً حول الماركسية الغربية المدينة، واليسار الغربي المعاصر، وأخيراً تم أخيراً تناول أطروحات جديدة في الفكر السياسي الغربي المعاصر بما تضمن البحث في العولمة البيئة النظرية والعملية للأطروحات السياسية الفكرية الجديدة، وكذلك تم تناول أطروحتا تصادم الحضارات وسلطة المعرفة. إقرأ المزيد