اللجان الدولية لحماية حقوق الإنسان وآلياتها
(0)    
المرتبة: 245,590
تاريخ النشر: 12/07/2016
الناشر: المؤسسة الحديثة للكتاب
نبذة الناشر:يجب أن يكون واضحاً في الأذهان ونحن نبحث في الحماية الدولية لحقوق الإنسان مع التركيز على آليات اللجان الدولية لحماية حقوق الإنسان، بأن المجتمع الدولي انتهج أسلوب التدرج في مجال حماية حقوق الإنسان وحريته وحرياته الأساسية. ولو نظرنا إلى المجال الدولي تاركين جانباً المجال الإقليمي، للاحظنا بأن المرحلة الأولى من ...حماية هذه الحقوق والحريات تجسدت بالإعتراف بها من خلال توقيع الدول على ميثاق منظمة الأمم المتحدة الذي تنص العديد من مواده على احترام هذه الحقوق والحريات.
وتمثلت المرحلة الثانية، بتقنين حقوق الإنسان وحمايتها من خلال اعتماد العديد من الصكوك الدولية، بعد أن تم التصويت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10/12/1948، ثم صياغة واعتماد تسع إتفاقيات أساسية وتسعة بروتوكولات إضافية إختيارية بين أعوام 1965 و 2006.
جاءت بعدها مرحلة تفعيل آليات حماية حقوق الإنسان وتطبيقها من خلال نشاطات هيئات شبه قضائية متمثلة بعشر لجان مهمتها السهر على حسن تطبيق الدول الأطراف في الإتفاقيات التسع والبروتوكولات التسعة لالتزاماتها التي تنص عليها هذه الإتفاقيات والبروتوكولات، وهو ما يمثل بحد ذاته تطوراً في مجال تفعيل آليات حماية حقوق الإنسان، وبخاصة البروتوكولات التي تسمح بتقديم شكاوي فردية إلى بعض اللجان الدولية لحماية حقوق الإنسان.
ونحن حالياً إزاء مرحلة هامة جداً وأساسية هي مرحلة "الوقاية"، بمعنى أننا لن ننتظر وقوع إنتهاكات، أو نسعى لمكافحة ممارسة وقعت مثل: "التعذيب" أو "العنف" تُنتهك بسببها حقوق الإنسان أو تنتهك كرامته، بل يسعى المجتمع الدولي ودوله لاعتماد إتفاقيات وآليات "وقائية"، تمهد الطريق لعدم انتهاك حقوق الإنسان، وخير مثال نجده حالياً يتمثل بالبروتوكول الإختياري المضاف إلى إتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
يمثل إذن اعتماد عشر آليات تعاقدية دولية خطوة هامة وأساسية بقصد حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية من خلال اجتهادات مختلف اللجان الدولية لحماية حقوق الإنسان. ولكن تبقى هذه الآليات قاصرة عن تحقيق الحماية المرجوة لهذه الحقوق والحريات حتى ولو أن بعضها يسمح بتقديم شكاوي فردية، وما ذلك إلا لغياب "الجزاء" في حال ثبوت وقوع إنتهاكات لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وهو ما يُعاب على هذه الآليات الدولية التعاقدية، وما يُعد قصوراً في فعالية تطبيقها واحترامها.
وإذا كان اعتماد مختلف الآليات: دولية وإقليمية، تعاقدية وغير تعاقدية يمثل تقدماً واضحاً في مجال حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، لكن هذا التقدم يبقى نسبياً وضعيفاً فيما يتعلق بالتزام الدول العربية بهذه الآليات وتطبيقها لها.
صادق عدد لا بأس به من الدول العربية على الإتفاقيات التسع، ولكنها صادقت عليها بتحفظات تمنع من تطبيق آلياتها بشكل فعّال، كما أن عدداً أقل صادق على البروتوكولات المضافة إلى هذه الإتفاقيات، وبخاصة تلك التي تسمح بتقديم شكاوى فردية إلى اللجان التي أسستها الإتفاقيات الدولية.
تمثل مصادقة الدول العربية على الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وبدون تحفظات تحدياً أولياً لمصداقيتها في احترام هذه الحقوق، ويُعد التصديق على البروتوكولات التي تسمح بتقديم شكاوى فردية التحدي الأكبر لها في مجال احترام حقوق الإنسان. هل ستكون الدول العربية قادرة على مواجهة هذه التحديات لتثبت فعلياً وعملياً حرصها على حماية حقوق الإنسان، وصون كرامته، واحترام حرياته؟ إقرأ المزيد