التطرف الديني في مصر الفرعون والنبي
(0)    
المرتبة: 151,401
تاريخ النشر: 01/01/1988
الناشر: دار الكتاب الحديث
نبذة نيل وفرات:بينما تضرب جذور الإسلاميين بعمق تاريخ المجتمعات الإسلامية ، فإن فصائل الحركة التي تعرض لها الباحث في دراسته هذه ظهرت للوجود في العقد السابع من القرن العشرين . وقد يبدو تحليلاً غريباً ذلك الذي اتبعه الناطقون بإسم الإسلام الرسمي في اختزال الحركة إلى انحراف من ذلك النوع الذي مثله ...الخوارج . من هنا حاول الباحث ، وعبر دراسته هذه ، أن يضع الحركة في سياقها الصحيح ، أي المجتمع المصري في السبعينات ، ومن ثم فإن هذا السياق يشير إلى هدف الدراسة ، وهدف الدراسة بالتالي يلقي الضوء هذا السياق في عملية أخذ وعطاء ثابتين . ففي الثالث والعشرين من يوليو 1952 اعتلى الرئيس جمال عبد الناصر ورفاقه السلطة في مصر . وفي 9 ديسمبر 1954 ، نفذ حكم الإعدام شنقاً في ستة من زهاء جماعة الإخوان المسلمين ، بينما انهار آلاف آخرون من أعضاء الجماعة من جراء التعذيب داخل السجون . وطوال ربع القرن الذي انصرم منذ إنشاء الجماعة على يد حسن البنا عام 1928 ، لم يتعرض أعضاؤها لمثل هذا القمع العنيف . وبالرغم من هذا فإن الدولة التي أسسها الضباط الأحرار اختلفت عن النظام الملكي السابق . فقد سعى عبد الناصر لتعبئة المجتمع المدني من القاعدة إلى القمة ، لتحرير مصر من الإستعمار وآثاره ، وتحويل البلاد إلى أمة عصرية ومستقلة . وتعبئة المجتمع كانت تعني أولاً وقبل كل شيئ كفالة ألا ترتفع أية اصوات معارضة تناهض أهداف النظام . ومع ذلك ، فعندما تم حلّ كل الأحزاب السياسية بقرار من السلطة في 16 يناير 1953 ، استثنى القرار جماعة الإخوان المسلمين . وقد كان الإخوان بطبيعة الحال ، من الناحية القانونية ، مجرد جمعية وليس حزياً . إلا أن الأهم من ذلك أنهم كانوا يمثلون القوة الشعبية الأكثر تنظيماً في البلاد ، وأن النظام لم يكن في مقدوره ، بعد ستة اشهر فقط من وجوده في السلطة ، أن يغامر بمواجهة مباشرة مع الجماعة . وكان الصراع مع ذلك محتدماً ، حتى على الرغم من ترحيب الإخوان في البداية بحركة 23 يوليو . فلم يكن لدى الضباط أدنى نية للسماح للإخوان بالتعبير عن المطالب الشعبية ؛ تلك المطالب التي كان من المفترض أن تنحصر داخل قنوات الحزب الواحد ، الذي كانت مهمته حشد الجماهير خلف الحكومة . وبعد عدد من الأحداث ، تم القضاء على أي رابطة كانت تربط الإخوان بالدولة ، على اثر محاولة أحد أعضاء الإخوان اغتيال عبد الناصر ، في 26 أكتوبر 1954 ، بينما كان الرئيس يلقي خطاباً في الإسكندرية ، حيث سمعت البلاد كلها أصوات طلقات عبر أجهزة الراديو . وقد حمّلت الجماعة النظام مسؤولية المؤامرة ، وادعت أن هذا الهجوم كان من تدبير رجال البوليس . إلا أن أحداً لم يصدق ذلك ، فأضربت الجماهير الغاضبة النار في مركز الجماعة الرئيسي ، وألقي القبض على قادتها ، حيث تعرضوا لشتى صنوف التعذيب ، وحرّض عملاء الحكومة الجماهير ضد أعضاء الجماعة . إذن فقد دمرت الدولة ، بعد 26 أكتوبر مباشرة ، آخر تنظيم مستقل كان يقف كعقبة بينها وبين الجماهير . حيث انعقدت رغبة الضباط على أن يكون عملهم هذا حاسماً . هذا وقد سعت الإتجاهات المختلفة في حركة الإسلاميين للتعبير عن المعارضة المدنية في المجتمع لهذه الدولة . فاللغة والمقولات التي تبناها سيد قطب سلبت لبّ قطاعات عريضة من المجتمع كانت لها معاناتها وإحباطاتها وحاجاتها اليومية ، وحوّلت أفرادها إلى معارضين لحكومة ما بعد 1952 . من هنا قدم الباحث دراسة نقدية للجدل الدائر داخل حركة الإسلاميين بهدف فهم الكيفية التي كانت تنظر من خلالها قطاعات هامة من المجتمع للدولة . ويشير الباحث بأنه قدم خطاب وممارسة حركة الإسلاميين في شكل خام بدرجة ما .. وذلك لأن عملية اختيار المصادر وترجمة تنظيم المادة ، التي لا غنى عنها في دراسة أي شيء واقعي ، هي عملية منوط بها تقديم أوسع رؤية ممكنة للموضوع . ومن هنا انصب اهتمامه على تقديم شتى تشكيلات الحركة المتنوعة والمتعارضة أحياناً ، وذلك من أجل كشف تناقضاتها ؛ وليس من أجل حجب هذا العمل أو ذاك .. حيث أن هذا من شأنه أن يحدّ من مصداقية أية خطة موضوعة مسبقاً . إقرأ المزيد