رسائل إلى رجل حكيم - رسائل فلسفية
(0)    
المرتبة: 159,500
تاريخ النشر: 14/10/2016
الناشر: دار أمجد للنشر والتوزيع
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:"الرسالة المائة... أيها الرجل الحكيم: وها أنا ذا أكتب لك الرسالة المائة، وآمل ألا يكون قد ألححت عليك بتكرار الأفكار، ولا أنت قد ملك ما وردت أن أوصله إليك، كل الذي أريد أن أخفي به في رسالتي هذه إليك، هو أن تنظر إلى أعماقك برؤية وتفهم وإستيعاب، وتتمثل ما ...وعيته وما مرّ عليك من تجارب، لتخرج كل ذلك في وجه جديد وثوب قشيب.
أعلم أنك كبير لأنك جزء من هذا العالم، وأنك كبير ما دمت تتمثل كل ما تجزئه من معرفة، التي نبتك بناء علمياً تتفرد به بين الأنام، أنت حين قررت أن تدق باب الحكمة راغباً، ودخلت الدار واثقاً، واكتسبت كثيراً من التجارب والتصورات، فلا بدّ إذن من أن تولي إهتمامك لما اختزنته في أعماقك وأن تظهره بكل ثقة وإيمان.
لا بد أن يكون العمل كاملاً، وبكلمة أخرى، في أن تؤديه على الوجه الأكمل، طالما أنك تنشد الكمال في عملك العقلي، الذي أوقفت حياتك من أجله، أنت تعرف أكثر مني، أنك تهدف إلى غاية جليلة، وهذا يملي عليك أن تصغي معالم الجمال، على كل ما تقدمه، بكل ثقة وإقتدار.
ليس من شيم الحكيم الذي عنده غاية في هذه الحياة، أو أنه يسعى لتحقيق غاية، أن يتوقف في منتصف الطريق، أو أن يدخل الإحباط إلى روحه، مهما كانت العوائق صلدة، ومهما تعددت الأسباب، أنت عالم وحدك، وبكلمة أدق، فأنت عقل مفكر وإن من أوسط واجباتك أن تتعامل مع جوهرك الإنساني، فتدرك ما زودت به من قوة تستطيع بها أن تحقق ما تريد تحقيقه، وما تصبر إليه في طريقك نحو معالم الكمال؛ دعك مما يراودك من وساوس سرابية قد تتماثل لك أمام العين، فيخيل إليك أنك قد نضبت ولم يعرف ينبوعك الداخلي إلا الأوشال.
اعلم أنك لست بجسمك إنسان؛ بل إن إنسانيتك تكمن في عقلك وأنك بالعقل إنسان، إنك حين تشحذ همتك لتحرك باطن العقل بتأمل هادف ينبجس أمامك ينبوع الخلق والإبداع، ليزودك بما تسعى إليه وتريد... تذكر جيداً أيام الدراسة حين كنت طالباً، وأنت تخزن المعارف طوال السنة، فتراك حين تدخل قاعة الإمتحان كأنك لا تعرف شيئاً، أو أنك نسيت كل شيء ما إن تقرأ الأسئلة في ورقة الإمتحان، حتى تشعر أن الأفكار تترى، وتكاد أصابعك تعجز عن متابعة ما يردها من معلومات.
هكذا إذن، هو أنت ما دمت قد أعددت نفسك أعداداً علمياً على مدى سنين طويلة، وقد زودت بموهبة طبيعية، إضافة إلى ما اختزنته من تجاريب، لا بد أنك الآن قد اقتنعت بما أقول، ولا بد أنك قد عرفت نفسك، إي نعم... إنك قوة مكينة بما أنت عليه من قوة، وما عليك إلا أن تحوّل هذه القوة إلى فعل، فتكون قد أثبت وجودك في هذه الحياة...
رسائل فلسفية حظتها يراع إنسان يطوي الليل والنهار بالقراءة والكتابة من غير أن يترك فسحة راحة وإستجمام لنفسه، أو يسمح لها بالتمتع بمباهج الحياة... وكيف لا وهو يجد في القراءة سعادته... مشعة تكاد تفرقه صفحات الكتاب بين طياته من حيث لا يشعر... وهو حين يتعب من مجالسة كتاب أو يشعر بالملل من متابعة الكلمات ورسم الحروف... يتجه بنفسه إلى الكتابة... حينها... يرى نفسه وقد ارتفع في سوامق الخيال... وكأنه أُخذ على حين غرة... أو أن مسّأ قد أصابه... فيصير طوع أجنحة تحلق به في مدارج السماء... هذا الإرتفاع المفاجئ لم يأت من فراغ... بل جاء نتيجة جهد وتعب سنين... وما خزنت تلاقيف فمه من معارف وعلوم...
هي كذلك هذه الرسائل... كتبها وقت تفتح البصيرة... ساكباً على الورق بعض ما اختزن، واصفاً الكلمات يرسم حروف جميلة جاءت متعة لعقل قارئها... وليتذكر دائماً أن بحر المعرفة لا نهائي الحدود... وأن الإنسان مهما بلغ عند أبحاره عباب ذاك البحر... ينتابه شعور أنه ما يزال واقفاً على الشاطئ... إستعداداً للإبحار والفور في أعماق الأعماق...
فعش أيها القارئ مع هذه الرسائل في تألق وميض أنوار المعرفة... من غير أن يصيبك مرض الشعور بالإمتلاء... بل هل من مزيد!!!... إقرأ المزيد