العدالة الجنائية الحماية القانونية لضحاياها - دراسة مقارنة
(0)    
المرتبة: 194,338
تاريخ النشر: 01/01/2016
الناشر: دار الثقافة للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة الناشر:العدل من القيم الأساسية الخالدة في كل زمان ومكان، وقد أرسى الإسلام قواعده بين الناس لبناء مجتمع زاخر بالمبادئ الإنسانية السامية، حافلاً بالنزاهة والإنصاف، خالياً من الظلم والجور، وحقيقة العدل أنه ميزان الله على الأرض، به يؤخذ لصاحب الحق حقه، وللمظلوم تُرَّدُ مظلمته، وبه حُفِظت الحقوق الإنسانية بكل أصنافها وألوانها، ...ولقد كان هذا الميزان على مر العصور شعاراً للقضاء العادل. جزائياً كان، أم مديناً، أم شرعياً، فلا يُظلم أحدٌ بحكمه، ولا تمسّ حرية بقوله، وفيه وجد الباحث ضالته لاستظهار حقوق ضحايا العدالة الجنائية من الموقوفين والمحكومين والشهود والخبراء والمخبرين، فَيُظهر هذا الميزان حق هؤلاء الأشخاص بحماية قانونية يكفلها المشّرع تُبعد عنهم كل أذى محتمل من جرّاء الإجراءات الجنائية وتعوّضهم عن كل أذىً وقع وحصل بسبب هذه الإجراءات.
ففي الصورة الأولى لضحايا العدالة الجنائية نرى الموقوفين الذين تمسّ حريتهم بتوقيفهم بداعي تحقيق العدالة، وكشف الحقيقة، والوقوف على أصلها، والخوف من ضياع الأدلة، وضماناً لعدم فرار فاعل الجريمة على فرض قيامه بارتكابها، وكل ذلك حمايةً لحق المجتمع بإيقاع العقوبة على مرتكب الجريمة، إلاّ أن الحرية الفردية للأشخاص يجب احترامها أيضاً بالقدر الذي لا تتعارض به مع حقوق ومصالح الآخرين، فلا بدّ من الحرص الكبير على التوازن العادل بين حق المجتمع في توقيف المشتبه بهم، وبين حق هؤلاء الأشخاص بالحرية وعدم تقييدها، ولعلّ الحاجة لهذا التوازن تظهر جليةً واضحة كلما اقتربنا من حالة الموقوفين على ذمة التحقيق ولم تثبت بعد ذلك إدانتهم، ألا تُعد هذه السنوات أو الأشهر أو الأيام التي قضوها في السجون ــ سواءً بسبب أصولي موافقاً لإجراءات أصول المحاكمات الجزائية أم بسبب غير موافقٍ لها، ما دامت نتيجة التحقيق انتهت بالبراءة ــ حرماناً لهم من الحرية المصونة بموجب الشرائع والأديان السماوية، والاتفاقيات الدولية ودساتير الدول المختلفة؟ أليس هؤلاء ضحيةٌ لممارسات العدالة الجنائية؟!
لقد عمد الباحث في دراسته إلى إظهار صورة أخرى من صور ضحايا العدالة علاوة على ضحايا التوقيف بأنواعه، سواء أكان تعسفياً أم غير قانوني أم أصولي، وهي صورة الأشخاص الذين تم الحكم عليهم بحكمٍ قضائي مُبرم، فمكثوا في السجون امتثالاً لهذا الحكم، ثم ظهرت الحقيقة، بعدما علا صوت الحق ناطقاً ــ بعد إعادة المحاكمة ــ ببراءتهم من كل ما أُسند إليهم من تهم، أليسوا ضحايا لقصور أجهزة العدالة الجنائية عن كشف الحقيقة في وقت مبكر؟!
ولم تفتْ الباحث صورة ثالثة لضحايا العدالة الجنائية وهم الأشخاص الذين أمْلت ضمائرهم عليهم النُصرة للحق، فنصروا العدالة بشهادتهم وبأخبارهم وخبرتهم التي أدلوا بها أمام ميزان العدالة، إلاّ أنَّ الأخير لم يكن حامياً لهم من شرور الأغيار سواءً في وظائفهم أو في أجسادهم أو حتى بحق ذويهم. ولعلّ الباحث عندما يستفيض بدراسته عن حقوق هؤلاء الأشخاص يسأل: أما آن للمشرع الأردني أن ينتصر لهذه الفئة المستضعفة؟ بحماية مدنية وجنائية، قوامها في الأولى التعويض عمّا أصابهم من أذى جرّاء توقيفهم سواء إن كان أصولياً أم غير أصولي، وعمّا أصابهم من جرّاء حبسهم بعد الحكم القضائي المبرم، وعمّا أصابهم ثمناً لشرف انتمائهم لقول الحق من شهود ومبلّغين وخبراء ومخبرين، أما الثانية فقوامها زيادة الضمانات التشريعية المقررة للحد من إجراءات التوقيف أولاً، ولتوسيع دائرة الاستفادة من طريق الطعن بإعادة المحاكمة سعياً لإظهار الحقيقة الدامغة التي لا يعتريها الشك ثانياً، ونحو حماية جنائية لخدّام العدالة وحرّاسها ثالثاً.
لذا ارتأى الباحث أن يقسّم هذه الدراسة إلى فصلين، يتناول في الفصل الأول منها: ماهية ضحايا العدالة الجنائية، ويبّين في الفصل الثاني: الإطار التشريعي لحماية ضحايا العدالة الجنائية. إقرأ المزيد