المسؤولية المدنية للصيدلي عن الخطأ الدوائي ؛ دراسة مقارنة في القانون المدني والفقه الإسلامي مع بعض التطبيقات القضائية
تاريخ النشر: 01/01/2016
الناشر: دار الثقافة للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة الناشر:كان الإنسان وما زال منذ بدء الخليقة حتى كتابة هذه السطور بطبيعته يبحث في كل من مجالات الحياة المختلفة عن وسائل تكفل له العيش الهني بصورة آمنة وبجسد سليم معافى من الأمراض والأوبئة.
فمنذ اللحظات الأولى للبشرية عرفت هذه الأخيرة منعطفاً خطيراً تمثل في غزو المرض لجسم الإنسان، هذا المرض ...دفع الإنسان إلى البحث قدماً عن علاج فعال لهذا المرض أو الداء، فمع البدايات الأولى لعصر الإنسان بدأ حياته يتسلق الجبال وينسل إلى الغابات والأودية بحثاً عن الأعشاب يتذوقها ويشم رائحتها ومنها يصنع ما عرف بالدواء لمداوة أمراضه.
مع التقدم الحضاري والتقدم العلمي تطورت أساليب ووسائل صنع هذا الدواء، وتطورت وكثرت على امتداد الأزمنة المختلفة الأوبئة والأمراض الأمر الذي قض مضجع العلم ودفع بالمختصين في مجال الدواء إلى البحث عن علاج لهذه الأمراض، فجاءت الثورة العلاجية الكبيرة فكان الاتجاه إلى ما عرف بالدواء فصنعوه أشكالاً وألواناً متعددة.
هذا كله كان لا بد من تنظيمه، ولأهمية الدواء القصوى كان لابد أيضاً من تقنينه وجعله في أيد أمينة ومطلعة على كل صغيرة وكبيرة في هذا المنتج الآمن الخطر في نفس الوقت، فهنا وجد ما عرف بعلوم الصيدلة والطب وعلوم الأدوية والعقاقير الأمر الذي ساعد على صنع الأدوية وتكوين مصانع لها في شتى بقاع العالم، المشرع وعلى الدوام كان يهدف إلى تنظيم حياة الأفراد في كل زمان ومكان، لكنه لم ياخذه دوره بالشكل المطلوب لمعالجة تلك المواضيع.
فالإنسان ومنذ القدم كان وما زال محل اهتمام المشرعين فكانت سلامة الإنسان وسلامة جسده ونفسه وروحه من أبرز مرتكزات وغايات أي تشريع منضبط ومتوازن يتوخى تحقيق الاستقرار.
من هنا جاءت مهنة الصيدلة ومعها وجد الصيدلي وقبلها كان الطبيب الذي ما تأخر عن علاج المرضى وجعل الصيدلي بمثابة السلطة التنفيذية التي يوكل إليها تنفيذ مهمة إكمال العلاج بعد تشخيص الطبيب للداء ووصفه للدواء الذي قد يكون ذا مفعول سلبي على جسم الإنسان فكانت سلطة الصيدلي مقيدة بما يقر له الطبيب من تشريعات وهنا كان لزاماً على الصيدلي أن يتحمل المسؤولية عن أي خطأ قد يقترفه فيما يتعلق بتعامله مع هذا الدواء أو أي خطأ ينتج عن صرفه للعلاج الموصوف وهذا ما دفع بالباحث إلى إلقاء مزيد من الضوء على الجانب السلبي لمهنة الصيدلي المتمثلة في مسؤوليته المدنية عن أخطائه المهنية في مجال الدواء.
هذا الجانب المظلم من مهنة الصيدلة التي تعتبر من المهن الإنسانية المساعدة لمهنة الطب والتي تتغلغل في الجسد الآدمي لم يحظ بالتنظيم القانوني على أكمل وجه ولم توضع الأحكام القانونية الخاصة بهذا المجال لذا سوف أدرس القواعد القانونية العامة المنظمة لهذا المهنة ومن خلالها سيجد الباحث وسيخصص بعض القواعد والقوانين التي تحكم هذه المهنة وتحديداً في مجال دراستي فمن المعروف سلفاً أن القوانين المدنية ومن قبلها مجلة الأحكام العدلية لم تنظم هذا النوع من المسؤولية المدنية الذي أصبح مهماً للغاية بعد تعدد وتنوع الأدوية وأشكالها فكان لزاماً على المشرع وعلى الفقه والقضاء القانونيين مواكبة هذا التقدم ووضع قواعد مدنية خاصة فيما يتعلق بمسؤولية الصيدلي المدنية على الخطأ المهني كون الدواء هو أحد العناصر التي قد تؤدي إلى هلاك النفس البشرية لما لها من مضار وآثار جانبية خطيرة إذا ما وصفت بطريق الخطأ أو لم يتم تناولها بالشكل الصحيح، واقتصر دور المشرع على وضع القوانين النقابية الخاصة بالمهنة دون التطرق إلى المسؤولية المدنية لممارسة هذه المهنة.
فمسؤولية الصيدلي أثارت جدلاً كبيراً في أروقة القضاء في الدول المتقدمة كون الصيدلي يتعامل مع أغلى ما وهب الله للإنسان وهي الصحة والعافية وهذا الجدل والنقاش وعدم الاستقرار نابع من عدم وجود قواعد قانونية مختصة وواضحة توضح وتحسم هذا الجدل معها.
كما أن المشرع الفلسطيني ومن قبله المشرع العربي بشكل عام أغفل عن تنظيم هذه المهنة وتركها للقواعد العامة للمسوؤلية المدنية التي غالباً ما يؤدي الاعتماد عليها إلى نتائج مبهمة وغير واضحة كونها قواعد عامة لا تتغلغل في صميم مسؤولية الصيدلي أو الأخطاء التي يرتكبها بحكم ممارسته لمهنته.
من هنا جاء دور المؤلف بعد دراسته لمختلف جوانب هذه الدراسة أن يضع بين يدي القارئ العادي ومن قبله المختص وصولاً إلى المشرع قواعد تنظم مسؤولية الصيدلي عن خطأه المهني في مجال الدواء، في سبيل ذلك قسم المؤلف دراسته هذه إلى ثلاثة فصول تمهيدي وفصلين أول وثان سيدرس في التمهيدي التطور التاريخي لمهنة الصيدلي ومفهوم مهنة الصيدلة ومفهوم الصيدلي إضافة إلى دراسة أركان المسؤولية المدنية للصيدلي في الفصل الأول، أما الفصل الأخير من هذه الدراسة فسيدرس فيه المؤلف خصوصية مسؤولية الصيدلي المدنية في مجال بيع الدواء وطبيعتها القانونية. إقرأ المزيد