عجائب المقدور في نوائب تيمور
(0)    
المرتبة: 422,807
تاريخ النشر: 01/01/1986
الناشر: مؤسسة الرسالة ناشرون
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:تيمورلنك هذا المغامر الذي استولى على نصف قارة آسيا، واجتاح كالوباء أكثر من مملكة واحدة غنية لها تاريخ قديم وحضارة زاهرة، ممتطياً فرسه شاهراً سيفه على المدافعين والآمنين ليقود جنده إلى فتوحات وصفها بأقصى القسوة والهمجية في سبيل غايته التي يسعى إليها حتى يكون كما يريد فاتح العالم (جهانكير). ...تيمورلنك هذا الغازي التتري، قد خرب بلاداً كثيرة وأحرق ودمر كل شيء أثناء اجتياحه... وبخاصة شيراز ودهلي (دلهي) ودمشق وبغداد.
ولا تزال آثار تيمور الدامية في البلاد والمدن التي فتحها على جدران تلك المدن، كما أن الدموع والقلوب التي احترقت أسى وحزناً لا تزال حتى الآن تسيل في وجدان التاريخ. إن همجية هذا الغازي التتري قد أساءت للإنسانية إساءات لا يمكن أن تنسى وتمحوها الأيام... فهو حين غزا العالم العربي، كان هذا العالم يعيش في ظل الحضارة الإسلامية وهي في أوج ازدهارها فاندفع يدمر كل شيء ويحرق كل حياة، وقد أساء للإسلام، ليس بما قام به من عمليات السلب والنهب والمجازر وحسب، وإنما بنقله القسري الفنانين والعمال والمهرة وأرباب الحرف إلى سمرقند.
ولا نستطيع أبدأً أن نتجاهل ما اقترفه تيمور في غربي آسيا من أعمال التدمير والتخريب على نطاق واسع حتى أتت هذه الجموع المغولية في اجتياحها على كثير من بقايا الحضارة الإسلامية. لقد عاث في الأرض فساداً واستغل قوته استغلالاً جائراً عنيفاً. ويحاول مؤرخو تيمور أن يبرروا سلوكه هذا بأنه أصيب بخلل في قواه العقلية على أثر سقوطه من فوق فرسه.
هذا يعد كتاب عجائب المقدور في نوائب تيمور الكتاب الوحيد باللغة العربية عن حياة تيمور والكتاب لمؤرخ دمشقي معاصر للفاتح المغولي هو أحمد بن محمد بن عربشاه الذي شهد النكبة التي حلت بالعثمانيين في معركة انقرة على يد تيمور عام 804هـ-1402م واستقر ابن عربشاه في سمرقند حيث اتقن هناك الفارسية والتركية والمغولية إضافة إلى براعته في لغته العربية ولذلك لقب "ملك اللغات الثلاثة" أو"ملك العرب".
قام ابن عرب شاه بتأليف كتابه عن تيمور عام 840هـ-1436م كما ذكر هو في مؤلفه وذلك خلال إقامته في دمشق التي كانت لا تزال آثار الدمار قائمة فيها إلى ذلك التاريخ من همجية ذلك الغزو. ويعتبر كتاب عجائب المقدور من أخطر الوثائق التي دونت سيرة تيمور كما أنه يمتاز بدقته، ويشير إلى حوادث تيمور الأولى بروح المتشكك في صحتها، ويورد أحياناً للقصة الوحدة روايتين أو ثلاث.
ويبدأ الكتاب بذكر نسب تيمور وولادته، فذكر أنه ولد بالقرب من كش من أعمال ما وراء النهر، ثم تتبع بعد ذلك ما قيل في منشئه، ثم بين كيف غدا تيمور، صاحب الكلمة في بلخ، وكيف أنه جعل من سمرقند قاعدة لملكه عام 771هـ. ولم يلبث أن ضم خوارزم، ثم غزا بلاد فارس، فبدأ بخراسان فدانت له وذلك في عام 782هـ. ثم فتح جرجان ومازندران وسجستام. وأغار تيمور كذلك على القفجاق عام 797هـ ثم سار إلى الهند عام 800هـ. فاستولى على دهلي ونهبها وخربها.
ويعني المؤلف عناية خاصة بغزوات تيمور لبلاد الشام عام 803هـ، فيذكرها في شيء من التفصيل وما ارتكب تيمور ببلاد ابن عربشاه من سفك الدماء، ونهب البيوت وإحراقها، وسبي النساء، كما يورد ما دار بين علمائها من الجدل الفقهي.
كذلك يفيض ابن عربشاه في تلك المعارك التي دارت بين تيمور وبين السلطان بيازيد العثماني عام 804هـ، والتي انتهت بأسر السلطان العثماني، وقد وضعه تيمور في قفص من حديد، مبالغة في إذلاله وإهانته..
كما يتعرض المؤلف إلى حالة إمبراطورية تيمورلنك بعد وفاته، كذلك يتعرض إلى شخصية تيمور، ممتدحاً صفاته المتميزة في فصل خاص قبل أن يختم كتابه. وإن كان قد صور لنا تيمور في مطلع هذا الكتاب طاغية فاجراً قاسياً. ويختم المؤلف كتابه بوصف قيم لمدينة سمرقند والحياة العلمية فيها.
على أن أهم ما يميز هذا الكتاب تلك المراسلات التي تم تبادلها بين الفاتح التتري وبين السلطان الظاهر برقوق أو سلاطين الدولة المملوكية الثانية وابنه السلطان فرج. وكذلك الرسائل التي تبادلها تيمور والسلطان العثماني بيازيد، وغير ذلك من المراسلات. وتعتبر هذه الوثائق على جانب كبير من الأهمية، لأن المؤلف نقلها عن أصولها التركية والفارسية الوثيقة بفضل إجادته للتركية والفارسية وقد أصبحت هذه الوثائق من أهم العناصر في تحقيق سيرة تيمور، وتحليل شخصيته وصفاته.
التزم ابن عربشاه أسلوب السجع الذي يضعف أحياناً قوة العرض التاريخي ولكنه في الوقت نفسه لا يخلو من رونق وجمال يضفي على هذه الكتابة قيمة أدبية فضلاً عن القيمة التاريخية. ونظراً لأهمية الكتاب فقد طبع طباعة حجرية في مصر مرتين، الأول عام 1868م والثانية في عام 1888م. ولكنه طبع في أوربا في تاريخ أسبق 1636م في ليدن مع ترجمة له إلى اللغة اللاتينية.
وما يميز الطبعة التي بين يدنا من هذا الكتاب هو أنها قد جاءت باللغة العربية، كما وتتميز بالشروح والتعليقات التي زادت من أهمية الكتاب وقيمته. إقرأ المزيد