تعاون الدول مع المحكمة الجنائية الدولية وأثره في فعاليتها
(0)    
المرتبة: 203,134
تاريخ النشر: 01/01/2015
الناشر: دار وائل للطباعة والنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:جاء نظام روما الأساسي بعد جدل طويل مع المبادئ والأفكار والتوجهات السياسية، وهروباً من إختلاط القانون الدولي بالسياسة وتحكمها به في أحوال كثيرة، ليكرس وجود جهة قضائية جنائية دولية دائمة تمثل الجهة الدائمة لمقاضاة مرتكبي الجرائم الدولية.
وقد جاءت المحكمة الجنائية الدولية كخلاصة أو مرحلة أخيرة من مراحل تطور القضاء ...الجنائي الدولي، الذي مرّ بمفاصل رئيسة تعدّ بالأصابع، وأبرزها محاكمات الحرب العالمية الأولى التي تمت بموجب معاهدة فرساي عام 1919، ومحاكمات الحرب العالمية الثانية 1945 التي شكل لها محكمتي نورمبيرغ وطوكيو، والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، ثم المحكمة الجنائية الدولية الدائمة.
هذا وينصرف تعبير المحكمة الجنائية الدولية كما برز أثناء إعداد وثيقة نظامها الأساسي للدلالة على بنية الجهاز القضائي الدولي والأجزاء المكونة له، حيث يمكن تعريفها بأنها هيئة قضائية جنائية دولية دائمة مستقلة ومكملة للولايات القضائية الجنائية الوطنية، أنْشأ بإتفاقية دولية لتمارس سلطتها القضائية على الأشخاص الطبيعيين المسؤولين عن إرتكاب الجرائم الدولية الأشدّ خطورة في نظامها الأساسي.
من هنا، وبصرف النظر عن التحفظات التي يمتلكها معظم الباحثين والفقهاء والملاحظات حول تلك المحاكم، أو مبررات وطريقة إنشائها؛ إلا أنها شكلت وكونت درجات السلم التي صعد عليها القضاء الجنائي الدولي.
ومهما يكن من أمر فإن المحكمة الجنائية الدولية جاءت نتيجة رغبة دولية من السواد الأعظم من الدول، مما يدل على رغبة هذه الغالبية في نبذ العنف والجرائم الدولية والإقرار بمحاربة الإفلات من العقاب، كما أنها تعكس رغبة هذه الدول بالتحقق والمقاضاة في إرتكاب الجرائم الدولية ومحاسبة مرتكبيها أيّاً صفاتهم ومراكزهم، هذا يعكس النواحي الإيجابية لهذه المحكمة، إلا أنه من المفارقة ولكونها معاهدة دولية لا تلزم إلا الدول الأطراف فيها، فإن ذلك يرتب إشكاليات فيما يتعلق بالدول غير الأطراف فيها، ومن ناحية أخرى، فقد جاءت المحكمة الجنائية الدولية بمبادئ للعدالة الجنائية الدولية، من جانب، ومن جانب آخر لم تترك مجالاً لهذه المبادئ للتأثير على سيادة الدول؛ أي أنها قدمت الحلول لأي تعارض قد يقع بين مبادئها ومبدأ السيادة الوطنية، كما جاءت بمبادئ جديدة تظهر لأول مرة في تاريخ القضاء الجنائي الدولي مثل حظر التحفظات، ومبدأ التكامل والعلاقة مع مجلس الأمن، كما أظهرت بجلاء مواقف الدول والسياسات من فكرة القضاء الجنائي الدولي بين مؤيد ومعارض، كما بلورت الإتجاهات والسياسات من فكرة القضاء الجنائي الدولي الدائم، فمن يدعي دعم هذا القضاء لن يبقى له الحجة في عدم المصادقة على نظامها...
ضمن هذه المقاربات، وفي ظلّ الحديث عن المبادئ الجديدة التي جاءت بها المحكمة الجنائية الدولية، تأتي هذه الدراسة حيث تتناول البحث في أحد أهم هذه المبادئ وهو مبدأ التعاون؛ إذ أن مبدأ التعاون، وكما يتضح مما سبق، هو الأساس الذي تقوم عليه فكرة المحكمة وممارستها لعملها في مقضاة الجرائم الدولية، فالمحكمة وبدون هذا المبدأ لا تعدّ سوى حلماً وفكرة نظرية؛ إلا إذا تعاونت الدول على تحقيق مقاصد المحكمة وأهدافها.
ونظراً لما للتعاون من أهمية، ومن دور أساس في آلية عمل هذه المحكمة، ولكونه أهم المبادئ والتي جاء بها نظام روما، عمد الباحث في دراسته هذه إلى الوقوف على ماهية هذا المبدأ، وتسليط الضوء عليه، وبلورته وتأصيلة وصولاً إلى معرفة الإشكاليات التي تدور حوله، بالإضافة إلى ذلك فقد عمد الباحث إلى تقييمه، أي مبدأ التعاون، على بيان مزايا وسلبياته.
وقد اندرجت هذه الدراسة ضمن فصول خمسة، شملت البحث في المواضيع التالية: مثل الفصل الأول مقدمة هذه الدراسة بما يعني التعريف المدني بالمحكمة الدولية الجنائية وبيان ماهية تعاون الدول معها، وليتم من ثم بيان التحديد القانوني لتعاون الدول الأطراف في نظام روما مع المحكمة الجنائية الدولية، هذا بالنسبة للفصل الثاني، وثم في الفصل الثالث تسليط الضوء على تعاون الدول غير الأطراف في نظام، وما مع المحكمة الجنائية الدولية، وثم تخصيص الفصل الرابع لمناقشة الأبعاد القانونية لمبدأ التعاون في ضوء التطبيقات العملية، ولينهي الباحث دراسته بتقديم صورة مجملة عن نتائج دراسته، مع ما توصل إليه من توصيات في إطار تفعيل ذلك التعاون الدولي مع المحكمة الجنائية الدولية. إقرأ المزيد