تاريخ النشر: 01/01/2014
الناشر: دار دجلة ناشرون وموزعون
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:اعتدتُ، حين أشعر بعدم القدرة على التعبير عن نفسي، كتابةً أن أبدأ بعبارات مثل: "منذ زمن لم أزرِ الأوراق"، أو "تهرب الكلمات مني"، أو "تضيق العبارة"، وما قد يشبه ذلك من إستدراج للقلم الذي لم أعد أستعمله كثيراً في الكتابة بعد أن أدمنتُ الكتابة بوساطة لوحة الأحرف في جهاز ...الحاسوب.
والحقيقة أنّ هذه لم تكن الحال معي حين عبّر لي التشكيلي والشاعر محمد خضير عن رغبته في أن أكتب تقديماً لهذا العمل الفني الجميل، فقد كان شعوري بثقل عبء المسؤولية التي ألقاها على عاتقي هو الذي أتعبني، إذ ليس من السهل أبداً أن تضع بين يدي القارئ لمثل هذا العمل تقديماً يبدأ به قبل الولوج إلى عالم زاخر بالمشاعر والأحاسيس والأفكار المرسومة بالكلمات، بفنية تصويرية راقية، تنتقل بك من الخاص إلى العام، إلى المزج بينهما بذكاء إبداعي متميز.
فإذا كان الكاتب قد وسم عمله هذا بــ (أنا... كما أراني)، واضعاً القارئ العام إنطباع أوّلي بأنه سيقرأ جانباً من سيرة ذاتية، أو رؤية شخصية للذات، فإن تقديم هذا العمل سيبدو أكثر صعوبة وأنت تتنقل بين دفقات شعورية وفكرية متلاحقة، تبدأ بك من (أحزان الياسمين)، حيث يعلن أنه لا يستطيع نسيانها إلا بمساعدتها بأن تتحول إلى امرأة زائفة كي تخلع عنها ثوب الخلود، لينتهي معك في (هذه أنتِ) إلى الإعتراف بأنها امرأة لعوب، كم تاب عنها لكنها أبداً لا تتوب، وفي كل مرة يرسم فيها مشاعره مع المرأة عبر هذا العمل المتميز، يكشف لنا عن جانب من رؤيته لذاته، فهو ليس شاعراً من البدو الرحّل كلَّ يوم هو في قلب، وتصبح هي منفاه وحظه السيئ في النساء وهو يبحث يائساً عنها في وطن ناشف من الغربة.
وعلى الرغم من معرفته الواثقة بخداعها إلا أنه يتعلق بأمل يعرف أنه محكوم عليه بالموت مسبقاً، وفي حبّه العالق بين ماضٍ يأبى الفراق وقلبٍ أصدقُ ما فيه النفاق، يتركنا محمد خضير في حال من الإنتباه الشديد، نحاول سبر ما وراء رمز المرأة المبثوث في كتاباته هنا، لنهجس في لحظة ما بأنه يعبر إلى الأرض / الوطن من خلال تصويره لما قد يبدو للوهلة الأولى مغامرات عاشق يتحول بين قلوب النساء، وإنما هي مقارنات بين الأرض / الوطن / القضية من جهة، وأوطان أخرى لم تستطع على جمالها إلا أن تكون قاسية، كما هو الماس؛ أجمل المجوهرات لكنه أكثرها قسوة.
ويلخص محمد خضير هذه العلاقة المتوترة بالمرأة / الأرض في نصه الموسوم: (أنا... كما أراني) حين يقول: "أنا... كما أراني... عائد للخلف، أحيا حاضري... أستحضر أنثاي المغلفة بالحياء... وأتخيلني لوحةً بين يديها... ترسمني مرةً، وتمحوني مرات". إقرأ المزيد