فتحي صفوت: رائد فن النحت في العراق
(0)    
المرتبة: 100,814
تاريخ النشر: 15/12/2014
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة المؤلف:لعل أسعد مراحل حياة الإنسان هي تلك التي يتمتع خلالها بهوية يمارسها ويملأ بها فراغه، أصبحت تلك الهواية بعد ذلك عمله اليومي ومهنته التي هي مصدر رزقه، بلغ ذلك الإنسان قمة السعادة وهكذا كانت الحالة مع والدي الفنان فتحي صفوت.
كانت المحطة الأولى في حياته العملية والفنية هي دراسته في أكاديمية ...الفنون الجميلة بمدينة اسطنبول التي تخرّج فيها عام 1921م، ثمّ اشتراكه في الدولة المكثّفة التي أقيمت في أنقرة لمعلمي الفنون التشكيليّة بعد تخرّجه بسنوات والتي شارك فيها عدد من زملائه ليتدرّبوا على أيدي نخبة من الأساتذة والخبراء الذين استقدموا من ألمانيا لهذه الدورة.
إمتدت سيرته الفنية نصف قرن من الزمان تقريباً، ومارس خلال هذا المدّة هوايته المحببة بالفنون التشكيليّة، بلذّة وشوق بالغين منذ يفاعته، ثمّ أصبحت مهنته التي تفرّغ لها وبرع فيها، خاصة بفنّ النحت الذي أصبح فيما بعد مؤسسه ورائده في العراق، وعمل في محرابه طيلة حياته العملية والتعلّميّة.
لم تكن مسيرة قطار العمر بالنسبة له سهلة ولا خالية من المصاعب، بل إكتنفتها عقبات إستطاع أن يتغلّب عليها ويجتازها بعزمه وتصميمه. فقد كتب عليه أن تتزامن حياته الفنية في بدايتها مع مجتمع متزمّت بل متخلّف وغير مهيّأ لتقبّل الفنون التشكيليّة، وهي فترة العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي في العراق، خاصّة فيما يتعلّق بفنّ النحت الذي لم يرتح له الكثيرون في تلك الفترة لإرتباطه في أذهانهم بالأصنام التي كانت تعبد في الجاهليّة، مع أنّ ممارسة عبادة الأصنام قد إختفت منذ أزمنة سحيقة، بل أصبحت مدعاة للسخرية، وبقي فنّ النحت بعد ذلك التعبير الجميل عن الشعور النّبيل والذوق الرفيع شأن الفنون الجميلة الأخرى كالموسيقى والرّسم، تلك الفنون التي عرفت الأمم الراقية قيمتها وأهمّيتها في ترسيخ فكرة الحق والخير والجمال في نفوس الناس، ولكنّها لم تلق ما لقيه فنّ النحت لدى بعض المتزمّتين أو جهلا من تحفّظ في غير مكانه.
وإذا كان لكل حاله نهايتها، ولكلّ فكرة خاطئة ساعتها، فقد جاءت نهاية تلك الفترة المظلمة بإنتشار الثقافة وتطوّر الوعي لدى معظم الناس، وإزداد اهتمام وزارة المعارف العراقية بدعم الحركة الفنيّة، وبدأت بإرسال الطلاب الموهوبين للدراسة والتدريب في المعاهد الفنيّة الكبرى في أوروبا. ولمّا كان فتحي صفوت من رواد الحركة الفنية في العراق ومن أبرز دعاتها في بداية الوعي الفنّي، فقد كانت وزارة المعارف – التربية – تستعين به لترشيح الشباب الذين يتوسّم فيهم موهبة فنيّة ومستقبلاً - جيّداً – في المجال الفني، وبالفعل فقد رشّح جيلاً واعياً منهم عادوا إلى العراق بعد إكمال دراستهم وتدريبهم في المعاهد الغربية فكانوا طليعة الجيل الثاني من العراقيين، وكان أبرز الموهوبين الذين رشّحهم للدراسة في الخارج ممن علقت أسماؤهم في ذاكرتي: الرسام قاسم ناجي وهو أوّل المتعوثين بعد تخرّجه في دار المعلّمين، وتلاه عطا صبري، وفنانين آخرين غيرهم.
وعليه، لا يعدّ هذا الكتاب تقيماً لأعماله كأستاذ للفن ونحّات قضى نصف عمره في هذا الحقل التربوي الحضاري اللطيف، فالتأريخ وخده الذي سيقيّم أعمال من قاموا بأدوار مهمّة في مجالات الحياة، وإنّما هو عبارة عن عرض لحياته اليوميّة وسماته الشخصيّة، ونظرته للحياة، ثمّ عرضٌ لنشاطه الفنّي يليه نشاطه الأدبي. إقرأ المزيد