الأعمال الشعرية ؛ فوزية أبو خالد
(0)    
المرتبة: 7,178
تاريخ النشر: 19/03/2014
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:"على رفٍّ مشترك تركوني... وراحوا يفترقون... غير لو أن أيّاً منهم يقرأ ما بعد الصفحة الأخيرة في الكتاب... لعادوا طالبين الصفح... أو مقترفين خطايا أشدّ مذاحةً... إلا أنهم لن يكونوا كما كانوا...".
ومع بداية قراءتك، وقبل وصولك إلى الصفحة الأخيرة... وحالما تبدأ بقراءة أول دواوينها بعنوانه الإجتجاجي "إلى متى يختطفونك ...ليلة العرس" نتفاجأ بروح صبية نادرة في تمردها، ومنه إلى دواوينها الأخيرة "شجن الجماد" "وتمرد عذري" و"ملمس الرائحة"، تواجه مثالاً على تحدي شاعرة غير هيابة وعدم ترددها لدفع ثمن الإنفتاح على التجديد وشذب الرؤى العتيقة المتراكمة التي أصبحت غير قادرة على الحياة في عالم لم يعد متسامحاً مع الظلم المترسخ في عالمنا لا سيما ظلم المرأة وحجرها دون الحياة: "كل صنوف الفنج والتنكيل التي تلقاها... فساد الضيم في بلدي... بعض من حضارتنا، بعض من ثقافتنا، بعض من هزائمنا".
وإلى هذا، فإن شاعرة الجزيرة فوزية أبو خالد هي من أوائل ثائرات الجزيرة ولعلها أصبرهن وقوفاً ضد الظلم، ومن أبرز المبدعات العربيات دعوة إلى دخول العصر ومعانقة الحياة اللائقة بالإنسان وتحرير المرأة من موانع ومحظورات لا تكرمها ولا تحترم إنسانيتها: "أنا البنت التي بهامسّ ويلبسها القرين إلى القرين... هي نفس البنت التي تكتب بعصيان حروف قصيدة مخالفة: خلعت أسنان اللبن وتمضمضت بالحبر... خالعت طاعاتٍ طاعنةً في العمر... شبّت عن الطوق وأشعلت حريقاً صغيراً...".
وعلاقتها مع الشعر عميقة راسخة ووصفها لهذه العلاقة دقيق: "أغفو فتتسلق القصيدة نوافذي... على حبال أعصابي التي تمتد إليها خلسة عين... ترش زينتها على أصابعي وترمي شمعداناتها المشتعلة... على الفراش.
ولعل أكثر ما يلفت في شعرها هو حساسيتها نحو التجربة الإنسانية وشفافيتها، فمن أعماق الذاكرة تستنبش في قصيدتها "نكهة الموت الأولى" صورة جنازة لامرأة فتية شاهدتها في أيام صباها اليافع فعرّفتها لأول مرة على معنى الموت، ولم تنسها قط: "من مكامن سحيقة في الذاكرة... يلتمع نعشٌ كان مكلّلاً بالشوك والغار.
من كانت تلك المملكة المكملة المعطّرة التي تمد ساقيها كنهر كهرمان، وتستلقي دون خشية على أكتاف الرجال، وهم يذهبون بها بعيداً... من... من كانت... المملكة...؟... عبثاً أكد الذاكرة ليس إلا لذعة حزن غامضٍ تعبث في قاع القلب..." وإن إمساكها باللغة الشعرية مدهش، لم تتدرج قوة علاقتها المبتكرة بها مع السنين؛ بل لازمتها منذ أول مجموعة... لحظة بدأت كان قاموسها ثرياً بشكل ملفت، معجوناً بالشعر، مرتوياً بالمفردات الفنية ويتوسع بإستمرار.
أما العبارة الشعرية وتركيب الجملة فهو مزيج من الحداثي والتراثي، تنوعت أغراض الشاعرة في قصائدها ولم تستثن غرضاً في الغالب، غنت للوطن العربي ملتاعة، وللمرأة مقدامة وللمجتمع مقتحمة... ولأخيها راثية؛ رثت الشاعرة شقيقها محمد الذي مات في مقتبل في قصيدة واحدة هي أطول قصيدة جاءت في ديوان كامل "مرثية الماء"، ثم "شجن الجماد" ليستقر في موقع إضافي لاحق مكونات شعرية مجددة، لعين رائية أخرى، فانهر القطر من ساعة "محمد" التي قالت لنا: "كانت أشياء "محمد" تنتصب غيباً ضارياً يفضح ما في الصمت من لغات طاغية لا يطيق الكاء ولا الكلام جمل مخيحها... كانت الساعة المعلقة خلف سريره وقد أدار لها ظهره قبل رحيله بأعوام طويلة، تسابق بهلع، المسافة بين العقربين، قبل أن يبتعد به المشيعون، وكأنها لا تصدق أنه ذهب على غير موعد دون أن يأبه لإنفطار قلبها وإسترحام دقاتها..." وقالت: "الكل يشتكي برد الشتاء، أرق الليل، كسل الظهيرة، صهيب الصيف، أمراض العصر، سأم السهرات صعوبة الإمتحانات، غدر الأصدقاء، تفاهة الفضائيات، أشواق الفراق... لكنني أتركهم يلوكون فات الوقت، واستمر في الركض عكس أعمارهم...
"نص شعري، في مجموعة واحدة يكتبها شاعر واحد بعيون كثيرة، فلم تكتف بتأمل جماليات المادة وحسب، ولا أنسنتها... بل حلّت روح الشاعرة في قلب الأشياء في رحلة تصوف معاكسة لما عرف عن روحانيات التصوف". إقرأ المزيد