سهام الليل ؛ رحلة أحمد جلبي الطويلة إلى النصر في العراق
(0)    
المرتبة: 27,161
تاريخ النشر: 23/05/2013
الناشر: بيسان للنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:"ما من شيء كان بعيداً أو غير اعتيادي لجلبي في هذا العالم الذي بدأ للتو العمل فيه – عالم المؤمرات والدسائس التي تمارس على أعلى المستويات الحكومية. لقد عرف هذا العالم تماماُ. فهو العالم الذي صبا فيه حين كان طفلاً يكبر في العراق. لقد كان أحمد جلبي في واشنطن، ...دي سي، يوم تسلم جورج دبليو بوش رئاسته. واختار لليوم الأول من رئاسة بوش بزّته المفضلة من أرمانجيلو زيغنا، ذات الصفين من الأزرار، مع ربطة عنق من اللون البرتقالي الفاتح. وفي الحفل كان جلبي، ابن السادس والخمسين من العمر، العراقي المولد، وبابتسامته المفتعلة ومظهره الارستقراطي، ينتقل من حشود أنصار الجمهوريين المحتفلين. كان ذلك المسلم، الذي لا يدخن ولا يشرب ينظر الى المشهد برمته بعيني منفي، وروح من يخطط لمكيدة. ماذا عساها تعني له حقبة بوش، وكيف تحصل على أقصى ما يستطيعه منها، كان يستاءل".
فمَن هو هذا المنفي العراقي الذي رافقه ريتشارد بوتين في سرده للأحداث التي حفلت بها رحلته الطوية على درب الوصول الى الحصول على نصر له في العراق. فقد كان أن التقى به لأول مرة بعد عام واحد من تنصيب بوش نيابة عن برنامج "60 دقيقة" في أخبار CBS، حيث كان ريتشارد بوتين يعمل منتجاً منذ عام 1988. وكل ما كان يعرفه هو أن جلبي كان شخصية قيادية في حركة المعارضة العراقية، وأنه كان يعمل بكدّ للاطاحة بصدام. آفاق تغيير نظام الحكم في بغداد كانت في حينها غير واضحة، وفكرة أن حاكم تكساس السابق الشديد الصراحة سيتعامل مع الدم العراقي الازرق بروحية مصمم البزات فكرة بعيدة الاحتمال – خصوصاً لإداريي برنامج "60 دقيقة" في نيويورك. ولكنه وحين زار جلبي في المرة الأولى تلك – في مكتب المجلس الوطني العراقي في لندن قرب الهايدبارك - فوجئ بالاجتماعات التي لا تنقطع في المكتب ولاحظ الاتصالات الهاتفية المتواصلة عبر الأطلسي، بينه وبين عصبة المحافظين الجدد داخل ادارة بوش وخارجها. لم يكن جلبي بالنسبة لريتشارد بوتين ذلك الرجل المثير للدهشة أو الاعجاب، الا انه رآه رجلاً عملياً ذو اتصالات واسعة ويجب أن يؤخذ على محمل الجدّ، وأجرى بوتين اتصالاته مع مراسلة برنامج "60 دقيقة" ليزلي ستال مقترحاً برنامجاً اخبارياً عن ذلك الرجل "أحمد الجلبي" لالقاء الضوء على التغيير المحتمل في سياسة ادارة بوش. وجاءت الموافقه، وكانت النتيجة حلقة أولى من سلسلة برامج اخبارية أنتجاها ليزلي وبوتين عن جلبي. وعن مدى عشر سنوات لاحقة من التواصل مع أحمد جلبي؛ أتيح لبوتين التقاط ما يكفي من الاشارات على شدّة مكره، وعلى المناورات التي كان يتبعها في جرّ الولايات المتحدة الى الحرب، كما تناهى الى علم بوتين أن هناك لدى هذا الرجل من المعطيات ما لا يتسع له خبر أو تقرير اخباري تلفزيوني، فقد علم أن لديه الكثير من الأسرار التي لا بد له من اجراء لقاءات معه من أجل تفريغها ومحاولة ملء الفراغات غير المستكشفة في ذلك الحين، والمتعلقة به شخصياً أو بإدارة بوش في موضوع التخلص من صدام حسين، فكانت اللقاءات بعد موافقة جلبي بعد مدة طويلة على ذلك، والتي تمت في بغداد حيث كان يعيش اليوم، استمرت اللقاءات على مدى ستين ساعة دارت في مجملها حول حياته والمكائد التي نصبها في سياق مسيرته الطويلة. الا ان في هذه المسيرة كان هناك أكثر من مجرد انتصارات وفضائح: فيها شهادة في الرياضيات من الـ MIT، ودكتوراه من جامعة شيكاغو، وأستاذ جامعي ومصرفي، واتهم بالاختلاس، وكل ذلك قبل أن يصبح الجلبي عاملاً مع السي آي آي ويقرر تكريس جهوده ووقته كاملين لتحقيق هاجسه وهمه الأوحد على طول تلك الفترة وهو التخلص من النظام البعثي القاتل في بغداد والعودة مظفراً الى العراق. وأن الأعم الأغلب بالنسبة للمنفيين أن يروا أحلامهم تذوي ثم يموتون دون تحقيق حلمهم في العودة أبداً. أما جلبي فقد استطاع وبعناد تسيير الأحداث وبنظام ودقة ومهارة، وقسوة أحياناً بما يخدم هدفه... ويقول بوتين أنه بإمكانك وكقارئ ومطلع أن تطلق عليه، وحسب خلفياتك وتوجهاته، المحرر العظيم للعراق، أو أنه الدجال الكبير الذي خدع أميركا. مضيفاً بأنه، وفي كلا الحالتين، لم يعرف عن انخراط أجنبي واحد من قبل وإلى هذا الحد في قرار الولايات المتحدة الذهاب الى الحرب بالقدر الذي فعله جلبي، لينتهي الى القول بأن جلبي هو من دون شك أحد أساطين مغامرة الولايات المتحدة في العراق، موضحاً بأن اللقاء في منزل تيرل بعد ظهر الحادي والعشرين من يناير 2001 كان من دون شك نقطة تحول الجلبي في طريق العودة الطويل الى وطنه. إقرأ المزيد