تاريخ النشر: 01/02/2013
الناشر: دار الفارابي
نبذة نيل وفرات:"أما رستم فكان مطرقاً يفكر في المهمة التي عليه أداؤها، ومن أجل هذا غادر الصف في كلية الآداب، قبل نهاية الدوام، ليوزع البيان الصادر عن مكتب المعلمين الرسميين، وفيه إعلان عن إستمرارهم في الإضراب، والجمع غداً في بيروت، للمشاركة في المظاهرة التي دعت إليها الأحزاب والشخصيات الوطنية، تأييداً للمقاومة ...الفلسطينية، وحرية العمل الفدائي".
"لم يبق عليه سوى النجاح بالمادتين المتبقيتين، ليحصل على شهادته الجامعية التي تفتح أمامه الباب للإرتقاء بوظيفته، إلى مرتبة أعلى، فيكون بمستوى حبيبته علمياً ومهنياً... قطعت عليه أفكاره جلبة من الخارج، فأصاخ السمع، وحين ميّز صوت عليّ، من بين الأصوات المتداخلة، هب واندفع خارجاً وهو مستغرب أن يكون صديقه قد أنهى بهذه السرعة، توزيع بيانات جبهة الأحزاب والشخصيات الوطنية الداعية للتجمع في منطقة الحرش، والتظاهر عصر الغد قبل أن يلتقيا كالعادة في مطعم "أبو غوش"، المكان المفضل لطلاب الجامعة اللبنانية".
"كانت مجموعة من "قبضايات" اليمين، بقيادة الكتائبي "أبو الهول" يحيطون بعليّ، يسعون لإنتزاع البيانات التي بحوزته، وهو يحاول الإفلات من حلقتهم التي بدأت تضيق حوله "كان هذا الشاب المغتول العضلات، ذو الرسوم المرعبة فوق زنديه ونحوه معروفاً عند كثيرين من طلاب الجامعة اللبنانية، في جميع كلياتها، إذ كان يقود مجموعته لمجابهة تحركات الطلاب المطلبية والوطنية، حين يعجز رفاقه الطلاب عن هذا الأمر بقواهم الذاتية، فينتقل مع زبانيته وفق الحاجة والأوامر الصادرة عن حزبه".
"صرخ رستم بأعلى صوته محاولاً فك الطوق عن صديقه: ماذا تفعلون أيها الحقيرون؟ أتجتمعون كلكم على شخص واحد؟ تباعدوا لينقّضوا على الدخيل الجديد، فأفلت من حصارهم، وأسرع إلى جانب صديقه، يحاولان تفادي الإصطدام، الذي يبدو أن الآخرين قد خططوا له مع القوى الأمنية، المنتشرة بكثرة في المكان، يراقب عناصرها ما يجري، وكأن الأمر لا يعنيهم، وارتفعت أصوات المندفعين نحو الشابين المتقهقرين: هيا انقضّوا على هذين العميلين الحقيرين، ولقنوهما درساً، سنقضي على عملاء سوريا والعراق سنطهر الجامعة والوطن من الشيوعيين عملاء موسكو وبكين بين الخيال والحقيقة"...
"وبين التاريخ والواقع يمضي الروائي في سردياته ليحكي أحداثاً وقعت في فترة زمنية امتدت ما بين الأربعينات والستينات على أرض لبنان، في ملح الأرض (I) المتمردة، يقصّ الروائي حكاية ذلك الزمان الطيب المفعم بالإنسانية والأخلاق والقيم، العابق بعرق الكادحين الباحثين عن لقمة العيش ووردية الأحلام..."
من خلال شخصية "وسيم" المحورية الشاب الذي يمتطي العلم فرساً، وينثر بذوره في أراضي الجهل القاحلة منقذ وورد معرفة وضياء... يعتنق المواقف والمبادئ ويعانق الحب تمرداً وعنفواناً، وفي هذا الجزء الثاني من ملح الأرض "الثائرون" يتابع وسيم الرسالة، فيفتح عينيه على سماء الحرية التي لا تطأها سوى العقول، وقد نفضت عنها غبار الطائفية والعصبية والأفكار الألفائية... محصّناً بالروح الوطنية، يشيد مع فرسانه الثائرين طريقهم مع الحرية كل الحرية... وتبقى حلماً...
ويمكن القول بأن الرواية إنما هي تصوير لفترة تاريخية هامة التي فيها تم تشكيل المجتمع اللبناني، وتكوين الروح الإجتماعية والحياة السياسية في هذا الوطن الذي يبحث عن خلاصه، وهو ينتقل من خيبة إلى أخرى... ورغم ان الرواية ترصد الماضي، إلا أنها تشعر القارئ وكأنه في الحاضر، فالتاريخ يكرر ذاته مع فارق في الأبطال وتكوين الأحداث. إقرأ المزيد