تاريخ النشر: 31/05/2012
الناشر: دار الفارابي
نبذة نيل وفرات:مجموعة مقالات نشرها طلال سلمان على صفحات جريدة "الشروق" المصرية التي كان صدورها في عام 2009. والتي رحب كثيراً بصدورها لأن "صدور صحيفة جديدة في أي مكان في الوطن العربي يمثل زيادة مساحة النور، لا سيما اذا كانت تتوجه الى شعبها وتسعى لأن تعبر عنه، لا هي في خدمة ...السلطان، ولا هي تحول هموم الناس الى بازار مفتوح بنبرة فضائحية، ولا هي تنزلق بالقصد أو بالجهل الى الترويج لأعداء، سواء أكانوا يحتلون بعض أرضها أو يهيمنون على بعض ارادتها". وعلى ما يبدو فإن الصحيفة على هذا المستوى المطلوب من حيث التعبير، في ذاك الاطار الذي حدده طلال سلمان، والشاهد على ذلك مجموعة مقالاته هذه التي تعامل من خلالها مع الحدث من حيث خلفياته وأبعاده، مهما بلغت الخطورة في الافصاح عن ذلك، من قريب أو بعيد. ومواضيع هذه المقالات تأتي حصيلة الأحداث والأزمات التي مرّت بها المنطقة العربية منذ ذلك الحين أي منذ العام 2009 ابتداء من مقالته المؤرخة بتاريخ 3-6-2009 الى المقالة المؤرخة في 8-2-2012 وبعبارة أخرى ابتداء من مقالته تحت عنوان "أوباما يقدم "المسلمين" على "الغرب"... واسرائيل تصفي فلسطين من موقع "الحليف"!، وانتهاءً بمقالته تحت عنوان "رسالة الى الأمين نبيل العربي ذهبت الجامعة الى نيويورك، ولم تعد" وما بين هذين العنوانين أو الحدثين فترة هي دهر من حيث ازدحامها بالأحداث.. أحداث زادت من حدة النزاع القائم على المنطقة العربية وكانت النتيجة كما سطّرها سلمان عند تقديمه لهذه المقالات: "لقد تباعدنا كشعوب عربية فقاربتنا القطيعة، وهذا أخطر بكثير من التباعد بين السلطان والأنظمة، ففصلت بيننا مسافات هائلة من سوء الفهم أو نقص المعرفة أو التجهيل المقصود أو التدخل الأجنبي بالقوة أو بالمصالح أو بالفتنة". هذا مهم ولكن الأهم، أن العرب وعوا مشكلة فلسطين في الزمن الغابر، وعوها فسكنت وجدانهم وملأت كتبهم وصحفهم وتوجهاتهم. أما فلسطين اليوم فهو يقول عنها: "... أما فلسطين فهي قضية مهددة بالضياع، وشعباً ممزقاً بالصراعات وسلطة منقسمة على ذاتها، فالظلم الذي لحق وسيلحق بها أفدح، والأذى الذي سيطال شعبها سيطالنا جميعاً، في مصر كما في لبنان، وفي سوريا كما في الأردن، بل في المغرب العربي كما في الجزيرة العربية وضمنها اليمن.. أما العراق الذي ضيعه الطغيان فجاء الاحتلال الاميركي "وريثاً شرعياً" له وعمل على تمزيقه وتفتيته وإعادة شعبه الى عناصر التكوين الأولى، مما جعله في حرب أهلية مفتوحة ينشغل بنفسه عن هدف التحرير واستعادة كيانه الخطير...". وإلى هذا فإن طلال سلمان المسكون بالعروبة وبالهموم العربية، وأولها فلسطين، يعلم علم اليقين أنه ".... فلا أمن ولا تقدم ولا سلام بغير حل عادل لهذه القضية التي كانت ولا تزال مقدسة، بأرضها كما بحقوق شعبها فيها، وبعروبتها كما بالتضحيات الغالية التي بذلها العرب جميعاً، الى جانب أهلها من أجل تحريرها وإقامة دولة لشعبها فيها". هذا من جهة ومن جهة ثانية، فإن الأحداث التي تهب عواصفها المدمرة على المنطقة العربية فتترك المرء في حالة ذهول، الا أن طلال سلمان وفي مقالته الواردة في تاريخ 2-9-2009 تحت عنوان "أسوار الدم العربي نحمي" الدولة المركزية في المشرق: اسرائيل" يصوّر هذا الواقع المأساوي بأبعاده وخلفياته بعين المتخصص الخبير حيث يقول: "تتبدى صورة المشرق العربي خاصة، والوطن العربي عموماً وكأنه أرخبيل في الجزر المتخاصمة تفصل كل دولة عن الأخرى بحور من دماء "الأهل" على طرفي الحدود. في حالات أخرى مشهودة يجري تفجير الدم داخل "الدولة" أي دولة فتتحول الى جزر يقتتل أهلها الذين كانوا حتى بالأمس القريب أبناء عمومة وأبناء خؤولة وأصهاراً. فجأة لم تعد اليمن أرضاً لدولة واحدة بشعب واحد له تاريخه الممتد آلافاً من السنين، بقبائله وعشائره، من كانوا ذات يوم صناع التاريخ بوصفهم جيش الفتح الاسلامي، ومن قبل بناه سد مأرب في امبراطورية المملكة الأولى بلقيس.. اختفت الدولة - الهوية في اليمن وأخفيت لتعود جهات جغرافية.. وتم تقسيم الشعب بطوائفه ومذاهبه.. في العراق لم يكن يكفي الانقسام على أساس عرقي وأثني، كان لا بد أيضاً من الصراع المذهبي لكي يرتاح الاحتلال الأميركي ويهنأ في عيشهم أهل الجوار الذين رأى أصحاب السلطة منهم في العراق القوي خطراً عليهم... هل هي مجرد مصادفات أن تضرب الدولة المركزية في الأقطار العربية المؤثرة مصر والعراق واليمن فضلاً عن السودان... دون أن ننسى لبنان القوي بنموذجه الفريد؟! لعل ذلك شرط قيام الامبراطورية الاسرائيلية تحت مظلة الامبراطورية الأميركية... و"لا بد من حماية اسرائيل بأسوار من الدماء..." ولعل باستطاعة القارئ استقراء واقعه الذي يغرق بحر من ثورات شعبية واضحة الأهداف غامضة النهايات، وتحركات غربية واضحة العناوين غامضة المضامين... من خلال مجموعة هذه المقالات... التي تعلن "وبصراحة مطلقة أنه ليس شعب لبنان هو الذي يعيش الآن في الظلال السوداء، للحرب الأهلية، لكن العديد من الأقطار العربية يعيش تحت الظلال نفسها.. لعل طلال سلمان بهذه المقالات التي تأتي ضمن عمل صحفي يحمل في طياتها ضمير أمته، وضمن صحافة "ليست مجرد حرفة. انها مهنة تستبطن قضية، أو أنها قضية تتخذ لها منبراً عبر الصحيفة... من أجل أن نخدم شعوبنا وأمتنا بما يستحق من عقل وعلم وموضوعية وإخلاص وتجرد من الفرض، ومن أفق أوسع لتفكير أعمق بما يتناسب مع المخاطر التي تهددنا في حاضرنا كما في غدنا". إقرأ المزيد