عقد اللآلئ والزبرجد في ترجمة الإمام أحمد (شاموا)
(0)    
المرتبة: 162,131
تاريخ النشر: 01/01/2005
الناشر: دار البشائر الإسلامية
نبذة نيل وفرات:الإمام أحمد بن حنبل هو الإمام حقّاً، وشيخ الإسلام صدقاً، وما ذاك إلا لأنه جمع خصال الإمامة الحقيقية، والرتبة العليّة الصديقية بشهادة علماء الإسلام وشيوخه.
فهذا الإمام الشافعي بقول - وهو من هو - : "خرجت من بغداد فما خلّفت بها رجلاً أفضل، ولا أعلم، ولا أفقه، ولا أتقى من ...أحمد بن حنبل"، قال البيهقي: إنما قال هذا إمامنا الشافعي عن تجربة ومعرفة منه بحال أبي عبد الله رحمه الله".
وكان يزيد بن هارون وهو بار شيوخ الإمام أحمد بوقّره، قال أحمد بن سنان القطّان: ما رأيت يزيد لأحد أشدّ تعظيماً منه لأحمد بن حنبل، ولا أكرم أحداً مثله، كان يقعده إلى جنبه، ويوقّره، ولا يمازحه، وقال شيخه عبد الرزاق الصنعاني - صاحب المصنف - : رحل إلينا من العراق أربعةٌ من رؤساء الحديث: التاذكرنيّ، وكان أحفظهم للحديث، وابن المديني، وكان أعرفهم بإختلافه، ويحيى بن معين، وكان أعلمهم بالرجال، وأحمد بن حنبل، وكان أجمعهم لذلك كله.
ومن كانت هذه صفاته فلا يُستغرب قول قتيبة بن سعيد فيه حينما سُئل؛ تَضُم أحمد إلى كبار التابعين؟ فقال: إلى كبار التابعين، وانظر إلى أحواله وآدابه وصلاحه وإعراضه عن الدنيا؛ قال الميموني: ما رأيت مصليّاً قطّ أحسن من صلاة أحمد بن حنبل، ولا أكثر إتباعاً للسنن منه، وعن أبي داود السجستاني قال: لم يكن أحمد بن حنبل يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا، فإذا ذكر العلم تكلّم، وقال: مجالسةُ أحمد بن حنبل مجالسة الآخرة، لا يُذكر فيها شيء من أمر الدنيا، ما رأيت أحمد بن حنبل ذكر الدنيا قط.
ومن صفاته الجامعة لمحاسن الفضائل ما رواه أبو الحسين ابن المنادي قال: سمعت جدّي يقول: كان أحمد من أَحْيا الناس، وأكرمهم نفساً، وأحسنهم عشرةً وأدباً، كثير الأطراق والقفّى، معرضاً عن التصبيح واللغو، لا يُسمع منه إلا المذاكرة بالحديث وذكر الصالحين والزهّاد، في وقارٍ وسكون ولفظٍ حسن، وإذا لقيه إنسان بَشرَ به وأقبل عليه، وكان يتواضع للشيوخ تواضعاً شديداً، وكانوا يكرمونه ويعظمونه.
وكان يفعل بحيي بن معين ما لا يفعله بغيره من التواضع والتبجيل، وكان يحيى أكبر منه بنحو من سبع سنين، وكان إذا دخل من المسجد إلى البيت يضرب برجله قبل أن يدخل الدار حتى يُسمع ضرب نعله لدخوله الدار، وربما تنحنح ليَعْلَمَ من في الدار بدخوله.
أما حاله مع شيوخه فيقول خلف بن سالم المبهلي: جاءني أحمد بن حنبل يسمع حديث أبي عوانة، فاجتهدت أن أرفعه، فأبى، وقال: لا أجلس إلا بين يديك، أُمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه، ولما كان يتردد الإمام الشافعي على أحمد، وأحمد على الشافعي؛ كان أهل الفضول عاب ذلك، فقال الإمام الشافعي:
قالوا: يزورك أحمد وتزوره... قُلتُ: الفضائل لا تفارق منزله....
إن زارني فبفضله، أو زرته... فلفضله، فالفضل في الحالين له...
"ولو ذهبنا نذكر فضائل الإمام أحمد ومناقبه، وما روي له لخرجنا عن حدّ الإختصار" [...]
وقد صنف العلماء في مناقبه المشتملة على الآيات والمحاسن والأعجوبات ما لا يحصى من المصنفات، وشهرة إمامته، ومناقبه، وسيادته، وبراعته، وزهادته؛ كالشمس، إلا أنها لا تغرب".
من هذه المصنفات، هذا العقد الذين بين يدي القارئ، لأحد علماء الشام ممن قضى حياته كلها لتدريس العلم ونشره بين الناس، ألا وهو المحدّث إسماعيل العجلوني المدرِّس تحت قبة النسر - ولا يدرس فيها إلا عالمٌ كبير - وذلك في الجامع الأموي الأنور، أحد مساجد الإسلام المعمورة في الدنيا.
وعليه يمكن القول أن العلاّمة العجلوني قد جمع كتابه هذا ممن تقدمه في ترجمة الإمام أحمد بن حنبل؛ كالإمام ابن الجوزي في كتابه الذي أفرده في "مناقب الإمام أحمد"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"، والنووي في "تهذيب الأسماء واللغات" وغيرهم.
فجاء مختصراً لطيفاً، حاوياً لمجمل أحوال الإمام أحمد، ولا ضير على العجلوني في ذلك؛ فإن لكلّ عصرٍ أحواله ومؤلفاته؛ أي الجمع والإختصار من كتب المتعدمين - مشهور عند المتأخرين من العلماء، والتكرار في مثل ترجمة الإمام أحمد أحلى، وهو للصدأ أجلى.
هذا وقد تم الإعتناء بالكتاب حيث عمد المحقق مراعياً لما أراد مصنفه من الإختصار من عدم الإطالة في التعليق، مع العزو لما أشار إليه. إقرأ المزيد