تاريخ النشر: 01/01/2002
الناشر: دار الشؤون الثقافية العامة
نبذة نيل وفرات:هل أنا من سكان المريخ هكذا صرخ "بيكاسو" وهو يتصفح كتاباً صدر عن حياته وأفكاره، ثم قال لمؤلفه ناصحاً: يجب أن تضيف فصلاً تقول فيه أن "بابلو بيكاسو" له ساعدان وساقان ورأس وانف وقلب وكل مظاهر الكائن البشري...
هكذا كانت مخاوف بيكاسو من أن تغلب حياته في أبعاد محددة جامدة ...ولكن ذلك يتكرر اليوم كثيراً عندما يتحول الإعلام إلى دعاية سوداء وتمسك بأطرافه مصالح وغايات شريرة وكل ذلك لا يمنع من أن نتحرى عن "الإعلام" الكائن الذي يملأ الفراغ من حولنا بكل هذا الصخب المتلاطم، وإن نوصّف الأعمال التي يثيرها في رسم العلاقة بين الحياة وفي صياغة الروح المعبرة عن عقلايته ومعنى إستمرار الإنسان وحضارته وآماله...
ولذلك، فإن السفر العلمي في البحث عن ماهية دور الإعلام هو أكبر من أن يكون عملاً إلى النقل والتواكل، أو التفاؤل بنبوءات مسرفة في الخيال، وإنما هو عمل علمي دقيق له مواصفاته الواضحة ومنهجه المتوازن، وهذا ما جهدت في سبيله الصحفية الباحثة "سهام حسن علي الشجيري" عندما تناولت جانباً من الفعاليات المتنوعة التي ينهض بها الإعلام في هذا العصر... وفي واقعه من أبرز الأحداث التي شهدتها الأمة العربية في القرن العشرين، وهي ملحمة أم المعارك القومية.
فقد كان موضوعها الدراسي "التغطية الإخبارية في أم المعارك" وميدانها في دراسة الأخبار للوكالات الدولية عملاً يتسم بثبات الموقف أولاً وحيادية البحث والإستقصاء ثانياً، بعيداً عن تكرار المقولات السابقة، أو الدخول في جدل الإزدواج بين الموضوعي والذاتي في تقويم الوقائع ومجريات الأحداث، فكان أن وظفت، بقدر ما استطاعت المقاييس الواضحة للأشياء وتجاوزت الزخارف السطحية التي غالباً يبرقع فيها البحث الإعلامي، مهما كانت مصادره، واتجهت نحو مسؤوليتها الأساس في الحفاظ على الحقائق وليس إلى تلميع المواقف، إلى إجلاء الصورة الصادقة عن الفكرة الأساس من هذا البحث في كشف وتعرية الروح العنصرية العدائية التي كانت وراء "المطر الأسود" الذي حاول أن يغلف الواقع برمادية قاتمة تلغي جوهر ما حدث...
إن الجهد الذي قدمته الباحثة لم يكن مجرد نقل صورة الواقع، بل كان محاكاة حيويته، وأبعد من خطوة رسمه إلى فعل تفسيره، ولذلك كشفت بقوة الزيف الكبير الذي يغلف الإعلام الغربي ووسائله في تعامله مع قضايا الشعوب، وتبريراته العدوان عليها؛ واستطاعت أن تتوصل إلى إثبات فرضياتها التي قدمتها في مبررات دراستها من أن مصادر الأخبار الغربية حتى إن كانت تنتمي إلى وكالات الأنباء العالمية وتتظاهر بشعارات الحيادية والدقة إلا أنها لم تستند إلى أي من معايير المهنة أو القيم السائدة، وإنما وضعت في إعتبارها المصالح السياسية والإقتصادية للغرب الإستعماري. إقرأ المزيد