تاريخ النشر: 11/11/2010
الناشر: دار الأميرة للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:هو الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي؛ نسبة إلى طوس من مدن خراسان التي هي من أقدم بلاد فارس وأشهرها، وكانت - ولا تزال - من مراكز العلم ومعاهد الثقافة؛ لأن فيها قبر الإمام علي الرضا، ثامن أئمة الشيعة الإثني عشرية.
ولد شيخ الطائفة في ...طوس سنة 385هـ، وهاجر إلى العراق فهبط بغداد في سنة 408هـ، وهو ابن ثلاثة وعشرين عاماً، وكانت زعامة المذهب الجعفري فيها يومذاك لشيخ الأمة وعلم الشيعة محمد بن محمد بن النعمان، الشهير بالشيخ المفيد، فلازمه ملازمة ظله، وعكف على الإستفادة منه، وأدرك شيخه الحسين بن عبيد الله بن الغضائري المتوفي سنة 411هــ الذي انتقلت زعامة الدين ورئاسة المذهب بعد وفاته إلى علامة تلاميذه السيد المرتضى، فإنحاز شيخ الطائفة إليه، ولازم الحضور تحت منبره، وعني به المرتضى، وبالغ في توجيهه وتلقينه، واهتم له أكثر من سائر تلاميذه، وبقي ملازماً له طيلة ثلاث وعشرين سنة، وبعد وفاة الشيخ العلامة السيد المرتضى، اشتغل شيخ الطائفة بالإمامة، وظهر على منصة الزعامة، وأصبح علماً للشيعة، ومناراً للريعة، وكانت داره في الكرخ مأوى الأمة، ومقصد الوفاد، يأتونها لحل المشاكل وإيضاح المسائل، وقد تقاطر إليه العلماء والفضلاء للتلمذة عليه والحضور تحت منبره.
لم يفتأ الشيخ الطوسي إمام عصره حتى ثارت القلاقل، وحدثت الفتن بين الشيعة والسنّة، ولم تزل تنجم وتخبر بين الفينة والأخرى، حتى اتسع نطاقها، وتوسعت الفتنة حتى اتجهت إلى شيخ الطائفة وأصحابه فأحرقوا كتبه وكرسيه الذي كان يجلس عليه للكلام؛ قال ابن الجوزي في حوادث سنة 448هـ: "وهرب أبو جعفر الطوسي ونهبت داره"، وثم قال في حوادث 449هـ: "وفي صغر في هذه السنة كبست دار أبي جعفر الطوسي؛ فتكلم الشيعة بالكرخ، وأخذ ما وجد من دفاتره وكرسي كان يجلس عليه للكلام، وأخرج إلى الكرخ...".
ولما رأى الشيخ الخطر محدقاً به هاجر بنفسه إلى النجف الأشرف، وصيّرها مركزاً للعلم وجامعة كبرى للشيعة الإمامية، وعاصمة للمذهب الجعفري، وأخذت تُشدّ إليها الرحال، وتعلق بها الآمال، وأصبحت مهبط رجال العلم وهوى أفئدتهم وقام فيها بناء صرح الإسلام؛ تلك هي جامعة النجف العظمى التي شيد شيخ الطائفة ركنها الأساسي، ووضع حجرها الأول، وقد تخرج منها خلال هذه القرون المتطاولة آلاف مؤلفة من أساطين الدين وأعاظم الفقهاء وكبار الفلاسفة ونوابغ المتكلمين، وأفاضل المفسرين...
وهكذا، لم يبرح شيخ الطائفة في النجف الأشرف مشغولاً بالتدريس والتأليف، والهداية والإرشاد، وسائر وظائف الشرع الشريف وتكاليفه، مدة اثنتي عشر سنة، حتى توفي سنة 460هـ عن خمس وسبعين سنة، ولم تزل مؤلفاته تحتل المكانة السامية بين الأسفار الجليلة التي أنتجتها عقول علماء الشيعة، وقد جمعت معظم العلوم الإسلامية؛ أصلية وفرعية، وتضمنت حلّ معضلات المباحث الفلسفية والكلامية التي لم تزل آراء العباقرة حائمة حولها، كما احتضنت كل ما يحتاج إليه علماء المسلمين على إختلاف مشاربهم ومذاهبهم.
ويعدّ كتابه "التبيان في تفسير القرآن" من المؤلفات المهمة في بابه، وقد الفه نزولاً عند رغبة جماعة... وهو يقول في ذلك في مقدمة كتاب "... وسمعت جماعة من أصحابنا قديماً وحديثاً، يرغبون في كتاب مقتصد، يجتمع على جميع فنون علم القرآن، من القراءة، والمعاني والإعراب، والكلام على المتشابه، والجواب عن مطاعن الملحدين فيه، وأنواع المبطلين، كالمجبرة، والمشبهة والمجسمة وغيرهم، وذكر ما يختص أصحابنا به من الإستدلال بمواضع كثيرة على صحة مذاهبهم في أصول الديانات وفروعها...".
وهكذا ألف كتابه هذا على وجه الإيجاز والإختصار لكل فن من فنون علوم القرآن الكريم، دون أطناب محل، أو إيجاز مخلّ، مستهلاً الكتاب بفصل اشتمل على ذكر مسائل في تفسير القرآن الكريم لا بد للقارئ من إطلاعه عليها قبل شروعه في قراءة هذا التبيان في تفسير القرآن الكريم. إقرأ المزيد