تاريخ النشر: 01/01/1990
الناشر: عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، مكتبة النهضة العربية
نبذة نيل وفرات:لعل عصراً من عصورنا الأدبية لم يزخر بكثرة الشعراء كما زخر العصر العباسي، كما لم يحفل عصر آخر بكبار الشعراء وسعة طاقاتهم وكثرة فنونهم الشعرية، وإقبال الباحثين والدارسين على نتاجاتهم كما حفل هذا العصر.
ولعل من أسباب هذا، خطورة هذا العصر في المجالات: السياسية والإجتماعية والعلمية والأدبية، وإمتداده زمنياً بالقياس ...إلى العصور الأدبية الأخرى؛ وكانت عناية الباحثين والدارسين منصبة على الكبار من الشعراء، فوضعت فيهم وفي شعرهم البحوث والدراسات، وكثر الإهتمام بدواوينهم، فحققت ونشرت، وكان نصيب بعضها أكثر من سواه، فنال لأسباب معروفة حظوة كبيرة في التحقيق والنشر وعدد الطبعات، وكل هذا كان على حساب الشعراء الآخرين الذين لم ينالوا ما نال سواهم من العناية من دراسة حياتهم وإحياء تراثهم، وكان لفقدان دواوينهم ونزرة أخبارهم أثر كبير في هذا الأمر.
وفطن غير واحد من المعنيين بالتراث، منذ زمن ليس بالتقصير إلى هذا الأمر، فاتجهوا إلى سدّ هذه الثلمة، وتحفّوا إلى إحياء تراث أولئك الشعراء والعناية بدراسة حياتهم وأدبهم، وكان القطر العراقي في مقدمة الأقطار العربية التي اضطلع غير واحد من أبنائه بهذا النوع من العمل الإحيائي.
وكان المؤلف من أحد الذين أسهموا في هذا المجال، حيث وقف على شيء من تراث عدد من الشعراء ودراسة حياتهم وشعرهم، فجمعهم في كتاب واحد، لتكون الفائدة أعمّ لمن يبغي العنايقة بهم وبأشعارهم وأدبهم؛ وجدير بالذكر أن هناك أكثر من سبب يربط بين أولئك الشعراء: فهم لم يُدرسوا من قبل، ولم يؤثر لهم دواوين مخطوطة، وكانت شخصياتهم متقاربة في تماسكها والإعتداد بها، وغلبة الجدّ عليها، كما كانت طاقاتهم الشعرية تكاد تكون متشابهة، ومميزات شعرهم متقاربة، وكان الشعر - ما عدا واحداً منهم - هو الغالب عليهم، فلو يؤثر لأحدهم شيء من النثر؛ وكانوا مع كل ما تقدم ينتمون إلى حقبة واحدة من حقب العصر. إقرأ المزيد