العالم الشرقي ؛ المجلد الثاني من محاضرات في فلسفة التاريخ
(0)    
المرتبة: 28,486
تاريخ النشر: 01/01/2007
الناشر: دار التنوير للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:إن التاريخ عند هيجل هو عرض للروح، وماهية الروح الحرية، ومن ثم كان مسارالتاريخ هو تقدم الوعي بالحرية، لكنها ليست حرية فردية سلبية تعسفية. ومعنى ذلك أن التاريخ عند هيجل غالي، فكل ما يحدث له معنى، وله ما يبرره. والغاية هي الجانب الموضوعي الذي يمثل الضرورة في هذا المسار. ...لكن الضرورة، أو الجانب الموضوعي، لا تعمل وحدها فهناك الجانب الذاتي الحر للأفراد، ومن ثم كان التاريخ إرتباطاً وثيقاً بين الضرورة والحرية، والدافع لهذه الحركة هو التناقض الموجود بين الواقع الخارجي وما تريد الروح أن تحققه. ويقسم هيجل هذه الحرية تقسيماًًَ ثلاثياً يبدأ من عالمنا الشرقي وينتهي بعالمه الجرماني... وإلى ذلك، فإن مسار التاريخ عند هيجل يشكل حلقات متتابعة تمثل درجات مختلفة من الوعي بالحرية، فمراحلها الأولى تعبيرات ناقصة تماماً لما سوف تجسده المراحل المتأخرة بشكل أكثر كفاية وأكثر إقناعاً. ومعنى ذلك أن تحقق الروح، ووعيها بذاتها. الذي يشكل حريتها، يتم في التاريخ على مراحل متعددة هي الحضارات المختلفة. ومن هنا كان " تاريخ العالم هو عرض لمسار الروح في أعلى صورها، أعني ذلك التقديم التدريجي الذي تبلغ بواسطته حقيقتها ووعيها بذاتها. والصورة التي تتخذها مراحل التقدم بدرجاته المتعددة الدافع الذي لا حد له لروح العالم... والروح في كل مرحلة تتجسد فيها يسميه هيجل " روح الشعب " وهي فكرة لا تتضمن أية نظرة خاصة عن ذات للمجتمع أعلى من الفرد، بل أن روح الشعب هي الثقافة والحضارة التاريخية، منظوراً إليها على أنها تجسيد للروح في مرحلة معينة من تحققها الفعلي ومن معرفتها بذاتها...فروح الشعب تعني العقل الكلي الساري في حضارة معينة، بحيث نجد أن الفسلفة التي يعبر عنها التنظيم السياسي هي نفسها التي يصورها الفن في إنجازاته المختلفة، وهي ذاتها المتمثلة في الدين السائد، فالعقلية واحدة في كل ما تنتجه الروح من أنشطة في هذا المجتمع. واضح مما تقدم أن هناك " غاية " يسعى التاريخ إلى تحقيقها، وهو ينجز جانباً منها بالفعل في كل مرحلة من المراحل التي يصل إليها بحيث يجيء التعبير الكامل عن هذه الغاية في المرحلة الأخيرة. وليست هناك " غاية نهائية " أو أخيرة إلا مع إنتهاء التاريخ البشري نفسه، فكل مرحلة تنظر إلى نفسها على أنها " نهائية " ومطلقة، ولما كان هيجل يقول مراراً أن التاريخ ينتهي في الحاضر لا في المستقبل، فإن بعض الباحثين إعتبر حديثه عن الدولة البروسية ضرباً من التمجيد أو التأليه في حين أن هذا هو الحاضر الذي تصادف أن عاش فيه الفيلسوف، والحاضر بإستمرار هو القمة التي يبلغها تطور الروح. كانت تلك إضاءة على فلسفة التاريخ عند هيجل، ضمن دراسة إستوعبت محاور ثلاث. دار الأول منها حول الخصائص العامة لفلسفة التاريخ عند هيجل، ودار الثاني حول فلسفة التاريخ لهيجل بالنسبة للعالم الشرقي ( الصين، الهند، مرتفعات فارس، سوريا ومصر ). أما المحور الثالث فقد تم الإنتقال فيه إلى فلسفة التاريخ الهجيلية بالنسبة للعالم اليوناني. إقرأ المزيد