الوسطية بين التنظير والتطبيق
(0)    
المرتبة: 78,313
تاريخ النشر: 01/01/2006
الناشر: دار جرير للنشر والتوزيع، منتدى الفكر العربي
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:يحتوي هذا الكتاب على البحوث والمناقشات والمداخلات التي جرت في ندوة منتدى الفكر العربي "الوسطية بين التنظير والتطبيق". وكانت هذه الندوة قد عقدت في مملكة البحرين بتاريخ 27-28 شباط/فبراير 2005 بدعوة من جلالة الملك حمد ابن عيسى آل خليفة موجهة إلى سمو الأمير الحسن بن طلال، رئيس المنتدى وراعيه.
افتتح ...الندوة مندوب جلالة الملك حمد، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وزير الديوان الملكي، بالترحيب باجتماع المنتدى في مملكة البحرين، الذي وصف بأنه "دورة فكرية مهمة" وأشاد جلالة الملك بأهمية الوسطية في حياتنا، وبدور سمو الأمير الحسن وبمشاركاته "من أجل الإصلاح والتنمية العربية الشاملة"، لتجنيب أمتنا مخاطر الفكر المتشدد المنحرف". ثم ألقى الأمير الحسن كلمة جامعة، أشاد فيها باستضافة جلالة الملك حمد المنتدى، وبكرم وفادته، وهنأه على إنجازات بلده الباهرة، وأجوائها الحضارية والوعي الوطني، وترسيخ مفهوم المواطنة، وتشكيل لجنة للحوار السني الشيعي.
طالب سموه بالتركيز على الجانب التطبيقي للوسطية، بعد أن لمس الفجوة بين التنظير والتطبيق التي ما برح سموه يعمل على ردمها بدعوته "نحو حركة شعبية وسطية عقلانية راشدة"، لتخليص الأمة من أمراضها التي فتكت بها عقوداً من الزمن، والارتقاء بإنسانها، واستعادة مكانتها الرائدة بين الأمم.
وتطرق إلى الأوضاع السياسية، فقال: "إن بناء دولة ديمقراطية في العراق يعد مكسباً للولايات المتحدة، قبل أن يكون مكسباً عراقياً أو عربياً وإسلامياً. ووصف أحداث فلسطين بالجرح النازف، وأشاد باتفاقات السلام في السودان، وبمبادئ باندونغ في الذكرى الخمسين للمؤتمر المشهور، وسيرورة (عملية) برشلونة في ذكراها العاشرة. ودعا إلى العمل والتعاون "عبر القطري والإقليمي والقاري"، وإلى الحوار العربي الإفريقي.
ثم بين أهمية مؤسسات المجتمع المدني في نقل الأفكار والمقترحات إلى الحكومات. وطالب بنشر ثقافة الحوار مع الذات والعالم، وبصياغة استراتيجية للاتصال والتواصل والدبلوماسية العامة. ودعا للعمل على تحقيق هذه الاستراتيجية ضمن إطار القانون الإنساني العالمي الجديد، الذي سعى هو نفسه إلى إدراجه على جدول الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1987، ومنذ ذلك الحين حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2004 وهو يعرض بصورة متجددة. وهي دعوة أيضاً للعمل على إعمال النفوس إنسانياً، وليس فقط مادياً، وإلى "تسويق قضايانا"، أي تسويق المضامين. وأشار إلى أنه كان في نادي روما من مقترحي مبادرة "خطة مارشال عالمية: عقد كوني".
في هذا الكتاب مساهمات لبعض الباحثين العرب المتميزين، مشفوعة بتعقيبات وتعليقات ومداخلات. ومنها بحث فلسفي "مستفيض للدكتور طيب تيزيني عن "الوسطية: المفاهيم والأفكار"، بين فيه أن الوسطية "مصطلح تخومي مركب". وهي تشكل هوية الأمة، فيتوحد أفرادها في ما يجمع بينهم، في حوار مع الذات ومع الآخر. وتعد الوسطية أحد المحاور المركزية في مفهومي العقد الاجتماعي والتعددية، ومنهجاً وسلوكاً علمياً لتحقيق التوازن. كذلك بين أن الوسطية والتطرفية متناقضتان، وأن التطرفية أدت إلى رفض النظم العربية والإسلامية الاستقواء بشعوبها، ففضلت الاستقواء بالخارج على شعوبها. وختم بحثه بأن ثمة ملفات للإصلاح والتغيير لها الأولويات، كالملف المادي والسياسي والثقافي والحقوقي والقيمي.
أما بحث الدكتور حسن حنفي حول "مفهوم الوسطية في الإسلام، فبين أن الوسطية هي جوهر الإسلام، وهي ضد التطرف الذي ينشأ في غياب التعددية السياسية. وأورد بعض النصوص الدينية عن الوسطية التي تعني الاتزان والقدرة على التحكم في الأطراف. وهي لا تنفي رد العدوان. وقد يستعمل الحاكم مفهوم الوسطية من أجل نزع سلاح الدين من أيدي الخصوم.
وكان بحث الأستاذة فاتنة حمدي عن "فلسفة الوسطية. وقد بينت فيه أن الإنسان كائن وسط بين الخير والشر، وأن الوسطية تعني الأخلاق، وأنها شكلت مركز الثقل لكثير من الفلاسفة، وأن الغرب الحديث تخلى عن قيم الوسطية في التسامح والاعتدال وعدهما من قيم الضعفاء، فنتج عن ذلك للإنسان أزمات في الهوية مع الذات ومع الآخرين. وفسرت آية الوسطية بأنها تعني التزام الحق وتجنب المغالاة. وأضافت أن الوسطية لا تعني التفريط في الحقوق. والتوفيق على حساب القناعات والثوابت، و"لبس الأقنعة" تزلفاً للآخرين. ثم تطرق إلى الوسطية في الفلسفة اليونانية وعدت أرسطو نموذجاً لها، وهو الذي عد الفضيلة وسطاً بين رذيلتين. وذكرت أن الفارابي من فلاسفة المسلمين الذين حاولوا التوفيق بين الفلسفة اليونانية والدين.
وفي مناقشات المائدة المستديرة تمت المداخلات الآتية: 1-"كيف نخاطب الإنسان المعاصر خطاباً وسطياً؟" للدكتور عبد الكريم العلوي المدغري. وقد ذكر فيها أن هذه عملية محفوفة بالمتاعب، لأن الإنسان يرفض التغيير. وبين أن الإسلام عقيدة ثابتة وليست آراء تتغير بحسب الظروف، وأن خطابنا المعاصر تعوقه مضامين الخطاب وطبيعته والتعارض مع طبيعة الإنسان المعاصر. وهذا أدى إلى تقهقر الخطاب الديني المعتدل، وبقاء الخطاب المتطرف الذي لجأ إلى العنف والإرهاب، وقد أخطأ المسلمون في تقديم الشريعة للغرب وكأنها قطع يد السارق والرجم وقطع الرؤوس. ثم دعا إلى تضمين العلم في الخطاب الديني.
2-"حول الوسطية" للدكتور عبد الملك منصور، ذكر فيها أن الوسطية قديمة وتعود إلى بدء الوجود البشري، وأن الدعوة إليها تنامت في العالم الإسلامي مؤخراً وأن مفاهيمها تشترك في دوائر متراكزة، وتتباين مع تباين أقطار تلك الدوائر، وأن مضمونها المشترك يشمل انتفاء التشدد أو الغلو الديني. وأوسع مفهوم للوسطية يعدها مرجعية أو قيمة عليا، وينصبها منهجاً شاملاً للحياة. ثم بين ضرورة التمييز بين مفهوم الوسطية كأداة إنتاج معرفي، ومفهومها كشعار إيديولوجي، وأن مفهومها الأولى بالبحث هو مفهومها الاصطلاحي وليس الأيديولوجي. وأضاف أن الإسلام شرع الوسطية في أمورمعينة فقط. وأما الحديث الشائع عن وسطية الإسلام بين المسيحية واليهودية فهو حديث يخطئ المقارنة وتشوبه الانتقائية.
3-"عن الوسطية" للأستاذ عدنان أبو عودة، ضمنها أن الحكومات الإسلامية تبنت الوسطية، بعد أن وجدت نفسها في موقع دفاعي بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، لتبرئ نفسها من مسؤوليتها عن هذه الأحداث. وبين أن الداعية الإسلامي لا بد أن يكون عدلاً عالماً بالموضوع، ما يجعل الآخرين يحتكمون إليه. وحتى يكون المسلمون مرجعية للعالم، لا بد أن يقدموا للناس ما يفيدهم، وألا يعزلوا أنفسهم عنهم ولا يستعدوهم. وأضاف أن معنى الوسطية يفترض الحوار والتعددية وحرية التعبير والاعتراف بالآخر، وأن حقيقة استقصائنا لمفهوم الوسطية هو اعتراف ضمني بإيماننا بحوار الحضارات، وعلينا أن ننشيء هذا النهج ليس بالتبشير به، بل بممارسته.
4-"الوسطية كمفهوم قرآني" للدكتورة وجيهة صادق البحارنة، جاء فيها أنه لا يوجد في التاريخ الإسلامي مصطلح "الوسطية"، بل وجد جلباب يدعى وسطية استل حديثاً من القرآن الكريم، وصار يتسع للأفكار المختلفة وتفاعلها مع أزمات الأمة، وذهبت إلى أنه لا أحد يمتلك الإجابة عن تعريف الأمة الوسط التي تكونت فقط في صدر الإسلام من أفراد معدودين.
5-"نحو مفهوم للوسطية الإسلامية" للدكتور عز الدين عمر موسى، صرح فيها أن ما بأيدينا عن مفهوم الوسطية هو فهم إسلامي، وليس هو الإسلام ذاته، وأن الوسطية تعنى الاعتدال، وهي إصلاحية وليست تبريرية
6-"نحن والوسطية في عالم اليوم" للدكتور أحمد جلال التدمري، عرف فيها الوسطية اصطلاحاً أنها حالة سلوكية محمودة، تعصم من الإفراط والتفريط. وتعني في الفلسفة الجمع التكاملي بين ثنائيات الوجود، وهي نقيضة للرؤية الواحدية التي تقسم الوجود إلى ثنائية الخير والشر. والإسلام يحبذ الوسطية في العقيدة والتعبد، ويحارب الغلو والتشدد. أما المسائل الاعتقادية فلا يجوز التوسط فيها. وذكر للعبرة أنه في التاريخ الإسلامي سادت حضارة إنسانية من خلال منهج الوسطية بين مختلف الشعوب والديانات. وتساءل في الخاتمة مستنكراً: هل تحرر الوسطية بلداً محتلاً؟
7-"الأدوات التمويلية الإسلامية وتأسيس سوق مالية إسلامية" للأستاذين موسى عبد العزيز شحادة وأحمد بندقجي، أشار فيها إلى ظهور التكتلات الدولية السياسية والاقتصادية، وإلى أن بعض الدول الإسلامية شاركت في بعضها، مثل منظمة التجارة العالمية، وأن الأمة أحوج ما تكون إلى التكامل الاقتصادي، وأن قواعد الشريعة الإسلامية كفيلة بحل مشكلات البشرية. كما بينت المداخلة أن العمل المصرفي الإسلامي قد نجح وتفوق على التمويل الربوي، وطالبت بإعادة الأموال الإسلامية المهاجرة، وإيجاد سوق مالية إسلامية، وإصدار الصكوك المالية الإسلامية. إقرأ المزيد