نظام العقوبات في الإسلام مباحث الحدود
(0)    
المرتبة: 125,659
تاريخ النشر: 15/08/2008
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:صح أن يقال عن العقوبات في الإسلام إنها زواجر. "وضعها الله تعالى للردع عن ارتكاب ما حظر، وترك ما أمر، لما في الطبع من فعالية الشهوات الملهية عن وعيد الآخرة بعاجل اللذة، فجعل الله تعالى من زواجر الحدود، ما يردع به ذا الجهالة حذراً من ألم العقوبة، وخفية من ...نكال الفضيحة، ليكون ما حظر من محارمه ممنوعاً، وما أمر به متبوعاً، فتكون المصلحة أعم، والتكاليف أتم".
ولذا نجد من الفقهاء المسلمين من عرف العقوبات بأنها: "زواجر قبل الفعل، موانع بعده". أو بأنها: "تأديب استصلاح وزجر، يختلف باختلاف الذنب". ومعنى: "موانع بعد"، أنها تمنع المجرم والجاني من تكرار جريمته وجنايته، إما لصلاح أمره بالتوبة بعد العقوبة، أو لخوفه من إنزالها به مرة أخرى. وهذا هو المقصود بالتعريف الثاني الذي أوردناه للعقوبات.
إذا نظرنا إلى مصدر العقوبات في التشريعة الإسلامية، أمكن تقسيمها تقسيماً ثنائيا: إلى عقوبات مقدرة، وعقوبات غير مقدرة، والأولى هي: ما يعبر عنه بالحدود، والثانية هي ما يعتبر عنه بالتعزيرات، التي أوكل للحاكم أمر تقديرها حسب ما يراه من مصلحة، بشرط ألا تبلغ الحد. والاجتهاد غير وارد في الحدود لأنها أمر توقيفية.
ويمكن تقسيم العقوبات تقسيماً ثلاثياً، إلى: حدود، وقصاص، وتعزيرات، اعتبار أن القصاص وإن كان من حيث التقدير والتنفيذ مقدراً أو محدداً من قبل الشارع، إلا أنه لما كان حقاً للعبد، يمكن لمن وقع عليه الجرم العفو عن الجاني، أو أخذ الدية منه، فلا يدخل في مفهوم الحد من هذه الجهة، لعدم قبول الحدود للعفو، لأنها حقوق لله تعالى.
ولقد بحث الفقهاء المسلمون في مصنفاتهم هذه العقوبات تحت عناوين مختلفة. فمنهم من بحثها تحت عنوان الحدود فقط. وآخر بحثها تحت عنوان الجنايات. ومن الفقهاء من بحث كل مسألة تحت العنوان المخصوص بها، فبحث القصاص تحت عنوان: كتاب الجراح، وكتاب الديات، وكتاب دعوة الدم... وهكذا. ومنهم من عنونها بأحكام الدماء ومن يقام عليه الحد. ومنهم من عنونها بالحدود والتعزيرات... وهكذا.
والدراسة التي بين يدينا تقتصر البحث فيها على الحدود فقط، ويقصد بالحدودالزنا، حد توابع الزنا، وهي: اللواط، والسحق، والقيادة، ووطء البهيمة. حد القذف، حد تناول المسكر، حد السرقة، حد المحاربة. وأتبع حد المحاربة هذا بمسألة الدفاع المشروع. حد الردة، ثم حد البغي.
وقد خصص كل حد بمبحث خاص، وقسم إلى مطالب، تضمن كل مطلب عنواناً من العناوين، يندرج تحت كل عنوان ما يتعلق به من أحكام، ومسائل. وقد درج في كل مراحل البحث، على المقارنة بين المذاهب الإسلامية الستة: الإمامي، والحنفي، والشافعي، والمالكي، والحنبلي، والزيدي، في المسائل المطروحة.
واعتمد في البحث أسلوب المناقشة والنقض والإبرام والترجيح لبعض الآراء على البعض الآخر في كثير من الموارد. واعتمدت الموضوعية والتجرد في عرض لآراء فقهاء المذاهب. إقرأ المزيد