بداية المجتهد ونهاية المقتصد
(0)    
المرتبة: 158,177
تاريخ النشر: 01/01/2012
الناشر: دار ومكتبة المعارف
نبذة نيل وفرات:كتاب بداية المجتهد هو كتاب يدعي مؤلفه أنه كتاب أصول، والحقيقة أنه كتاب فقهي يعرض لخطوط الفقه العريضة الكلية، بربط المسألة بأصولها التي ترجع إليها في كتب أصول الفقه، أي أنه يربط المسألة ربطاً خاصاً بالدليل الشرعي لا كما تفعله كتب المتأخرين من حواش وغيرها. وهذا الضرب من الكتب ...يندر في الفقه الإسلامي، فهو متوفر في كتاب الشافعي "الأم" الذي يحتوي على مناقشة المسائل الفروعية إلى جانب عرض مسائل أصول الفقه، إلى جانب طبيعة مميزة في كيفية استنباط الأحكام الشرعية من النصوص، ولا نكاد نجد كتاباً آخر يماثله في الفقه على الرغم من وجود كتب مثل المغني لابن قدامة في الفقه الحنبلي، وعلى الرغم من وجود المبسوط للسرخسي في الفقه الحنفي، والمهذب للشيرازي في الفقه الشافعي، والمدونة لسحنون.
بيد أن كتاب بداية المجتهد يحمل التميز الخاص، فقد أراد مؤلفه أن يخرج كتاباً للمبتدئ الذي يحاول أن يستنبط من النصوص كي يؤهل لمرتبة المجتهدين الكبار، وانضم هذا الغرض إلى ميزة فكرة ابن رشد في تنظيم الأبواب والفصول، فأفاد من منهج الموطأ إفادة كبيرة في عرض الأبواب بعناوينها الكبرى، بيد أنه تجاوز الموطأ في إدراك كليات الأحكام على نحو خاص لافت للنظر، وهذا يحتاج إلى بحث مستقل لإظهار طبيعة هذا المصنف الرائع.
وهو في هذا كله يظهر من وراء السطور، ويشعر القارئ بهيمنته وسلطته على مادة الكتاب وعلى فكره، بحيث يتابعها في كل خطوة من خطوات بعين الخبير نافذ البصر والبصيرة. وينفرد الكتاب بميزة ليست في أي كتاب آخر، ألا وهي عرض طريقة اجتهاد المجتهدين، وهذه الفكرة لا نعلم أحد من العلماء حاولها، أو استطاع أن يسبر غورها، فهو –أي ابن رشد- يرينا عقلية كل مجتهد ومستوى فهمه ما أمكن إلى ذلك سبيل وما أوصلت إليه غاية.
يعرض ابن رشد الأفكار الشرعية والآراء التي لدى الفقهاء رابطاً إياها بأصول كما سبق، وهو يحاول في هذا العرض أن يجتلب كل ما هو مهم في الاستدلال وطريقته، ماراً بآراء تتصل بفقه الإمام مالك مركزاً على الكثير منها، وهو أمر طبيعي لأن المذهب المالكي هو مذهب أهل الأندلس في عصر ابن رشد.
ويستطيع القارئ أن يلحظ من خلال ما استعرضه المؤلف وجوه الاختلافات الكثيرة بين الفقهاء، ولعل أبرز ما يمكن عرضه هنا وتبيانه هو أصول هذه الخلافات، فالمجتهدون في المذاهب يتفقون على أصلين هما: الكتاب والسنة، ويبقى ما سواها مجال الخلاف. إقرأ المزيد