الحكمة عند الإمام علي في نهجه
(0)    
المرتبة: 39,323
تاريخ النشر: 01/01/2009
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:إن الهدف من وراء التفقه هو الخوف من الله ، وبالتالي إنذار الناس وتخويفهم . . . من هنا يتضح عمق تلك الكلمة الحكيمة ، التي قالها محمد صلى الله عليه وسلم : " رأس الحكمة مخافة الله عز وجلّ ؛ أي أن بداية الحكمة هو الخوف من الله ...، وأنّه لا ينال أحداً الخير الكثير ولا يكون حكيماً إلا به ، وكل درجة من درجات الخوف هي مرتبة من مراتب الحكمة ، كما أنّ كل مرتبة من مراتب الحكمة تترتب عليها درجة من درجات الخوف . جاء عن الإمام الصادق ( ع ) : " . . . من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه ، وأنطق لها لسانه ، وبصّره عيوب الدنيا داءها ودواءها ، وأخرجه من الدنيا سالماً إلى دار السلام " . إذ لا سطوع لنور الحكمة إلا في قلب الزاهد الحقيقي . قال علي بن الحسين (ع ) من عذاب الله : " . . . إن أنجى الناس من عذاب الله أشدّهم خشية " وترجع كل هذه الأمور في الحقيقة إلى القاعدة المتقدمة وهي أنّه رأس الحكمة مخافة الله " . فإذا كانت الحكمة على هذا المستوى من الورع والأهمية في حياة المؤمن : فمن باب أولى تلمسها والبحث عنها في ما صدر في معانيها ومدلولاتها وأبعادها . . وما أحدانا تلمسها والبحث عنها فيما جاء عن الإمام علي عليه السلام في نهجه . . من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يتضمّن في قسمه الأول بحثاً المراد من طرحه هو البحث عن " الحكمة النظرية والحكمة العملية في نهج البلاغة " . ثم بيان سبب اختياره من منظار نهج البلاغة . أما العلم : فهو يقسم إلى العلم الإستقلالي ، الذي له دور أساس في سعادة الإنسان - إلى قسمين : الأول الحكمة النظرية ، والثاني الحكمة العملية ، وتدور الأمور مناط البحث فيها تارة خارج حدود حرية الإختيار البشري ، وتارة داخل هذه الحدود . فالأول : كالبحث في مسائل التوحيد والنبوّة والمعاد وسائر المسائل النظرية التي لا تأثير لوجود الإنسان في وجودها موجوداً أم لم يكن ؛ فإن وجودها محفوظ في محله ، ولا يبلغ الإنسان الكمال إلا بمعرفته لها والتدقيق فيها ، فهي إذن أصولاً لا تنتفي إلا بانتفاء الإنسان . والثاني : الحكمة العملية ، وهي مسائل لا توجد إلا بوجود الإنسان لتلك المتعلقة بالأخلاق ، وتهذيب النفس وتربية الروح ، وتدبير المنزل ، وأدار المجتمع ومثيلاتها . وبديهي أن وجود هذه المسائل مرتبط بوجود الإنسان . وقد قسموا العلوم الإنسانية التي لها دور مؤثر في كمال الإنسان إلى قسمين : الأول هو الحكمة النظرية ، والثاني : هو الحكمة العملية . وقسّموا كلاًّ من الحكمة النظرية والحكمة العملية إلى أقسام متعددة . من هنا ينتقل هذا الجزء من البحث إلى بيان الحكمة النظرية والحكمة العملية من منظور نهج البلاغة ، والدافع على ذلك ، وذلك في استخلاص هذا من منظار نهج البلاغة هو أن صاحب هذا النهج الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، من الكمال في الحكمة النظرية وفي الحكمة العملية ، فهو حكيم ، بكل ما في الكلمة من معنى ، وحكمته هذه ليست خارجة عن حدود الطاقة البشرية ، بل في حدود ما يقوى عليه الإنسان السائر نحو الكمال ، وقد بلغ أمير المؤمنين علي عليه السلام أرفع مستويات الحكمة . وهنا يعرض الباحث لتعريف ذاك المقام الرفيع لعلي عليه السلام ورفعته ، مستعيناً بأقواله وبكلمات تلاميذه ، مما يمكّن من أن يكون القارىء على مقربة أكثر فأكثر من الإمام علي ، ذلك مما ورد في نهج البلاغة في ما يبيّن بعض خصائصه مما يوضح علوّ مقامه . أما الحكمة العملية للإمام علي عليه السلام ، فقد سلّط الباحث الضوء عليها من خلال إيراده النماذج والنصوص التي تدل على الإحاطة الكاملة لعي بن أبي طالب عليه السلام بالحكمة العملية ، وذلك وصولاً لاستكمال البحث وإثرائه . من هنا فقد استدعى ذلك التطرّق إلى المواضيع التالية : الشخصية العلمية والعملية لعلي عليه السلام على لسان تلامذة مدرسته . - قول إبن أبي الحديد في الإمام علي عليه السلام ، إبن سينا والإمام علي عليه السلام - الحكمة النظرية : توحيد الحق تعالى . - دور الإستدلال في معرفة الله - بطول أصول الديالكتيك من منظار نهج البلاغة - تنزيه ذات الباري تعالى وعلّيته وعمله عن الحركة . - الإمام علي يعرف نفسه . - قيام نظام الخلق على أساس العلّية . – الحكمة العملية : وهي أبحاث لعلي بن أبي طالب هذا الحكيم الفرد آراء ونظريات فيها . – معرفة الله وصفاته حيث يؤكّد نهج البلاغة على بعض صفات الله أكثر من تأكيده على غيرها ، وذلك لأنها تمثّل الصفات الأصلية من جهة ، ومن جهة أخرى تعدّ من أنّها أسماء الحق التي تنبع منها الصفات الأخرى - الحكمة العملية وبحثها من منظار أمير المؤمنين علي عليه السلام ، من حيث تهريب النفس وبنائها ، أو في تربية الأبناء وتأسيس المدينة الفاضلة وإدارة شؤون المجتمع على النحو الصائب ، والتي لأمير المؤمنين علي عليه السلام عدداً من القواعد العامة تتفرّع عنها سلسلة من القواعد والخطوط الثانوية . إقرأ المزيد