أزمة الذات في مقامات الهمذاني
(0)    
المرتبة: 129,908
تاريخ النشر: 01/01/1990
الناشر: دار المعارف
نبذة نيل وفرات:أدرك الأستاذ منصف شعرانة في هذا الكتاب "أزمة الذات في مقامات الهمذاني" القضية التي اجتمعت فيها ألوان التقابلات والمفارقات التي حكمت بناء المقامات ودلالاته، وساهم بذلك في توضيح جانب من المقامة لا يقل أهمية عن سائر الجوانب وقدم مثالاً لطريقة من طرق التعامل مع التراث الأدبي بالجامعة التونسية في ...إطار الإجابة عن الأسئلة الراهنة ومن خلال دوافع العمل وغايته، والمنهج المتبع فيه والنتائج المحققة، فهذا البحث الذي قدم لنيل شهادة الكفاءة في البحث وأشرف عليه الأستاذ حسن الصادق الأسود يتكون من بابين وسبعة فصول وقع الكشف أثناءها عن أزمة العصر والكاتب وعن الأزمة في المقامات.
تعتبر أزمة الذات في مقامات الهمذاني من خلال هذا البحث نوعاً مخصوصاً من المضامين ناتجاً عن طبيعة انتظام المادة الأدبية فيها أكثر مما هو ناتج عن مواقف جاهزة تتخذ المقامات وسيلة لتأكيد صحتها، وإذا كانت سبل البحث في المضامين الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ميسورة نسبياً، فإن إشكاليات النظر في الذات أو الأنا أكثر تعقيداً لأن مواقع النظر فيها متعددة ومناهج البحث أكثر إيغالاً في التأويل ونتائج دراستها قابلة للتعديل بعد كل قراءة. وهذا كله يجعل مسالة المنهج أساسية لتحليل موضوع تشترك فيه عدة اختصاصات وينفتح على ميادين مختلفة فللأزمة صلات "بذات الإنسان جسماً وروحاً وبحياة الناس الاقتصادية والسياسية"، وللأزمة محال تتخلخل فيه السنن وتتحلل من بعض قيودها إنباء بسنن جديدة مغايرة للموجود شكلاً ومضموناً وقضاياً، إنها لحظة تعايش سنن بل إنها لحظة ضياع سنن بحثاً عن سنن بديلة، فالشعر عمود مجسم في الأغراض والنثر سمت مشكلة في الخطب والرسائل وسائر الأشكال الوجيزة، أما المقامة فإن درجات التعبير فيها متنوعة، فيه من العناية باللفظ ما يصل إلى الغاية في الزينة والزخرف، وفيه من الكثافة في اللغة ما يصل إلى درجة المثل أو الحكمة أو الأقوال السائرة، وتغدو المقامات في نهاية الأمر نصاً جامعاً لنوع من الكتابة هادف متعدد المدلولات غزير المعاني، خالياً من الفائدة أحياناً نتيجة جري بديع الزمان الهمذاني "وراء الزخرف اللفظي والقشور الشكلية".
ونقد الأستاذ منصف شعرانة المنحى التاريخي ونظرية الانعكاس التي تحكمه في التعامل مع المقامات ومضامينها، واعتمد المنهج الشمولي الذي يستفيد من النص أولاً لمحاولة تمحيص مغلقاته والكشف عن مكوناته، ومن النظريات النقدية الحديثة ثانياً" وأفاد من المنهج الاجتماعي انطلاقاً من نظرية لوسيان قلدمان ومن المنهج النصاني لرولان بارت، وظهرت الأزمة من نسيج المقامات اللغوي وشكلها الفني تتويجاً لمجموعة من الدلالات الصغرى عبر الشخصيات الرئيسية والوسائل الفنية من أقنعة وثنائيات فنية وألوان الإضحاك والسخرية، وعبر صور الأزمة صفات وأفعالاً وأحوالاً وأقوالاً، وتجلت حسب عبارة "قلدمان" في موطن آخر لا يتعلق بالمقامات "قصة بحث متدهور عن قيم أصيلة في عالم متدهور" وانتهت رؤية متماسكة للعالم قائمة على الشعور بالمأساة والتفجع والغربة.
ويمكن أن يعد هذا الكتاب محاولة في البحث سعى فيها الأستاذ منصف شعرانة إلى تطبيق المناهج المعاصرة المناسبة لطبيعة الموضوع، فضبط المدلولات الموضوعية والذاتية للأزمة انطلاقاً من طبيعة الشكل الفني للمقامات وخصائصه بعيداً كل البعد عن مظاهر الإسقاط بعد تحديد العلامات النصية المشكلة للرؤية التي تحكم بناء هذا الأثر الأدبي. إقرأ المزيد