تاريخ النشر: 01/09/2006
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:هناك دافع شخصي يستحثني إلى أن أسجل خواطري في ما مر بي خلال هذه الثمانين سنة التي أمضيتها في هذه الحياة. ولكن، لماذا أسجل هذه الخواطر؟! ولست إنساناً ذا شأن خطير ترك بصماته في سجل التاريخ؟!
أنا شخصاً أحب قراءة سير أولئك الذين كان لهم أثر في دروب التاريخ، لكني ...لست منهم.
وأعود إلى نفسي لأقول: ليس ضرورياً أن تكون من هذه الفئة لكي تسجل مسيرتك، وأذكر أن الكاتب الروسي الشهير "تشيخوف" كتب كتاباً عنوانه "يوميات إنسان عادي"، وراج هذا الكتاب رواجاً كبيراً، فقد جعل تشيخوف من حياة إنسان عادي قصة ممتعة. وعندما بدأت بقراءتها، استغرقتني حتى إنني لم أترك الكتاب حتى أنهيته، واستقر في خاطري أن المهم هو كيف تكتب، وليس عمن تكتب.
لقد شجعني هذا المثل على أن أحاول الكتابة. ولعل الذي شجعني أيضاً قول لغابرييل غارسيا ماركيز في تقديمه لقصة حياته، وهو قوله: "الحياة ليست ما يعيشه أحدنا.. وإنما هي ما يتذكره، وكيف يتذكره ليرويه".
أبدأ من يوم مولدي وتاريخه مسجل ومعروف. ولكن هذا التاريخ تقديري، وليس دقيقاً، كان من عادة موظف الإحصاء أن يحضر إلى قريتنا مرة كل سنتين أو ثلاث ليسجل المواليد الجدد. وتقول والدتي، رحمها الله، إن الموظف عندما أراد أن يسجل تاريخ ميلادي زاد في عمري سنة على الأقل، لأنه رآني أكبر حجماً من ابن جيراننا الذي كان يكبرني بسنة. وهكذا قرر موظف الإحصاء تاريخ مولدي في 20/4/1923، وهو التاريخ الذي يحتفل به الأسرة في كل عام، بعد أن كبرت، وصارت لنا أعياد ميلاد.
وهكذا يتابع الدكتور "محمود السمرة" كتابه مذكراته ناقلاً عبرها مشاهد من سيرته الذاتية الشخصية وأخرى من مجتمعه في قرينه الطنطورة، وحيفا فالقاهرة فالكويت، ولندن... مجسداً بمنظاره أحداثاً مر بها مجتمعه الفلسطيني بعد حرب 1948 موضحاً تأثير هذه الأحداث على حياته وعلى مجتمعه... ولم ينس خلال عرضه للأحداث أن يربط بين الصراع الداخلي في الأراضي المقدمة وبين الحال في المجتمعات الأخرى المحيطة بها والتي عاش بها الدكتور السمرة. وفي غمرة هذه الأحداث لم ينس الكاتب تدوين حيثيات الصراع النفسي الذي خيم على حياته بعيداً عن زوجته وابنته وولده... إقرأ المزيد