علي الحلي - المجموعة الشعرية الكاملة
(0)    
المرتبة: 131,494
تاريخ النشر: 01/01/1987
الناشر: دار الشؤون الثقافية العامة
نبذة نيل وفرات:"ومن شرفات العدم، يطل الوجود دجى السمات كأنقاض سور القدر تلوث بالطين ملء الجراح وجنّح للوهم يحسو الرياح، وأغفت على الرمل بقايا بشر! أكاد أحس هوان الحياة، صراع السنين، ويوم النشور، خطايا العصور، تسلل في خانق من جليد تراءت بعين بعينيّ دنيا تدور! على واحة من عبير الصديد ومرأى ...قبور ومنحى سراب بليد، ولا شيء عبر المدى والغلاة سوى نكهة من هشيم الرفات تعطّر أنفاسها.. العاصفة، وتعرى جراحاتها النازفة، وتشربها في الصعيد قناديل من أعرقٍ راعفة، تشظت من النور عبر الجسور وآفاق منحدر الهاوية على هيكل من شظايا شعر وسوء القدر! وإجهاض زوبعة داوية".
في هذه القصيدة كما في قصائده في مجموعته الشعرية يبدو صوت الشاعر علي الحلي عالياً. قد لا يجد المرء في هذه المقطوعة من قصيدة "في حقل الدم" من ديوان "إنسان الجزائر" ما في السياب من صور متلاحقة، إلا أن الصوت فيها رفيع جداً ولنظام الداخلي للألفاظ نظام مشدود متوتر إلى أقصى حد. إنه شعر حزين لا يثير البهجة في النفس ولكنه الشعر الذي يقوله الشاعر وهو مستوحد في طريق مدلهمة الديجور. إنه شاعر ستنجد، وحتى عندما يتفجر الضياء، يتفجر من الأعماق، لا في الأعالي: "النور شع من هنا، وموعد النشور وغصّة العصور، وشهقة القبور، من هاهنا وانطلق النداء!" كما صرخ صرخته، مع مولد الثورة الجزائرية! بلا زادٍ بلا خيل. كان هجيرها الصيفي يلقانا بلا ظل، يجوع الرعب في كفيه، يسقى من فم العطش، ويعرى من كوى الغبش تطارد زحفه الشمس، ويركض خلفه الأمس، يجدّ الهمس والخطوات والريح الشمالية، لأن الفجر ينحت مولد الإنسان والفكرة، على إطلالة الكثبان، غير مساقط الشهب، ويصرع من جنون الثأر بقيا شهوة الويل، على بوابة التاريخ والموت، وبين الرمل والصخرة، يفض المنزف الأسيان، يسفح لعنة الصمت، ويحدو كبرياء الشمس حين يعصفر الرمش، وتصحو في مدبّ "الدم" نعمى ثورة اللهب".
وهذه المقطوعة من "الفدائيون" في ديوان "شمس البعث والفداء" نقلة يظل فيها الشاعر يسكنه، يسجنه التوتر الشعري، لا بالهمسات، بل بالصوت العالي الرفيع. هذا التوتر الفاجع هي الضريبة التي يدفعها علي الحلي في شعره، وتدفعها كل الأرواح الشاعرة التي اختارت السير في الدروب الصعبة وعانت أهوال التجربة الجليلة، تجربة التميز للإنسان. إقرأ المزيد