تاريخ النشر: 01/04/2006
الناشر: المركز الثقافي العربي
نبذة نيل وفرات:تمثل هذه الدراسات في "أنسنة الشعر" في إبداع فوزي كريم شعراً ونقداً كفارة نقدية من عبث مورس على النصوص عبر إغفال الجانب الإنساني فيها. إن النصوص، مهما كانت طبيعتها، لا تغفل وجود الإنسان والحياة وعلاقاتها بهما. ويمكن أن يستشعر المرء عقم معالجات عديدة استهلكت وجوداً نقدية انصبت على النص ...نفسه واستبعدت علاقاته بالإنسان وعالمه. ولقد انبثقت رؤية ما يمكن تسميته بالاكتفاء النصي من وضع عالمي طبق النظرية الأدبية. إذ مارس هذا الوضع غمطاً لمقتربات نقدية بقيت تكافح من أجل دحض الاكتفاء النصي وربط النصوص بكل ما يمثل خارجاً تعاينه وتعالجه. وفي التمهيد عن "النقد الدنيوي"، وصف إدوارد سعيد، بأسف، هذا الوضع وصفاً بالغ الدلالة حين سماه "تيه النصية".
فهل كان الشاغل الأول لكتابة الشعر هو الصوت: جماله، ومؤالفته، ونظمه حسب، وهل كان يعمد إلى إغفال معنى الصوت؟ وهل كان شاغله الأول دعم ما يدمر الإنسان، أم كان التعبير عن همومه وعواطفه وأفكاره، دون أي إغفال لأي مكمن من مكامن إنسانيته؟
مع هذه الكفارة النقدية، يحاول هذا الاختيار جسر هوتين: الأولى بين الشاعر ونصه، تلك التي نواه بها فوزي كريم كثيراً، والثانية بين الشعر ومتلقيه. إذ لا بد للنقاد، بعد تدهور هذه العلاقة الأخيرة، أن يتولوا مهمة توجيه اهتمامات المتلقين إلى تذوق الشعر. وفي هذا المسعى نوع من الكفارة عن مشايعة الشعراء في إبهاماتهم التي فلسفها النقد أيما تفلسف، وأضفى عليها جدوى لم تكن ممكنة في الأساس لولا ذلك التخرص، والأحاديث الملفقة عن الشعر الحداثي. ومن هنا، يجيء اختيار فوزي كريم نموذجاً لهذه الدراسة عن "أنسنة الشعر" تلبية لحاجة نقدية وشعرية في آن.
حيث يطل عبر كتابه بعينين ثاقبتين. ويحاول عبر نظرات حادة أن يحقق الاختراق: اختراق حجب الزيف بتأملها، سيان في ذلك زيف الشعر والنقد والرسم والموسيقى. والمحيطون بوجه فوزي كريم، بخبرته، يعرفون أنه يعمل بأذرع عدة، وأنه يمسك بأزمة القصيدة والدراسة النقدية واللوحة والموسيقى ليواجهها على طريق واحد، طريق أن يعبر الكل عن أزمتنا الروحية حيال عالمنا، وحيال نصوصنا الروحية نفسها.نبذة الناشر:هذه الدراسة ليست "دفاعاً عن الشعر" الذي خفت صوته بفعل طبول الحرب وزعيق الشعر الحربي، وليست أيضاً دعوة إلى الالتزام، الذي قد يحتمي بالعقائد، وقد ينافح عن مذاهب أو حزب. إن تراجع الموقف الإنساني في الشعر لا سيما الذي أنتج داخل العراق تزايد بوتيرة محبطة للآمال كلما تقدمنا نحو سنوات الحرب، وكاد ينعدم هذا الموقف، منذ انفراد صدام حسين بالسلطة وشن الحرب على غيران، ومن بعد غزو الكويت وحرب أخرى وحصار. في ظل هذا الظرف العصيب، عاش الشعر العراقي اندفاعتين مدمرتين: شعر يمجد الحرب ويذكي نارها، ويكيل مديحاً بائساً لصدام، وشعر يمجد الإبهام، والغموض رافعاً ذريعة الاحتماء من البطش. غير أن كلا الاتجاهين كان يبتعد عن الإنسان مادةً للشعر والحرب في آن، وكان يقترب من الفكرة -الصنم.
ليس حال النقد، طبعاً بأفضل من ذلك. فهو الآخر جعل يراوح بين نقد أدب الحرب أو الالتهاء بالمناهج الحديثة ومصطلحاتها ومفاهيمها من دون توظيفها توظيفاً نافعاً.
تستند نظرة أنسنة الشعر، في هذا الكتاب، إلى المبدأ الوظيفي للفن إجمالاً. ولذا تجد نفسها ضد جماليات التجريد، وضد جماليات النصوص التأملية. والحال إن النزعة التي تعني بالفن لذاته، بالشعر لذاته، نزعة بناء المحاريب، والاعتكاف فيها تزجية لتعبد وترهب غير مجديين هي نزعة تكرس عبودية للثقافة المنغلقة والمغلقة. وفي هذا الإطار تأتي نظرتنا إلى شعر فوزي كريم الذي يدور عليه هذا الكتاب. إقرأ المزيد