تاريخ النشر: 01/04/2006
الناشر: رياض الريس للكتب والنشر
نبذة نيل وفرات:"يدي ريحٌ، وطاولتي سواد الليل، والأوراق غيمٌ عن يميني، قربها أقلام صندلة، ومحبرة تقطر حبرها الكحلي من ماء البنفسج. عن يساري، شمعة من فضة، يدعوها قمراً، ولي كرسيُّ أيلول، خفيف الحور، أجلس فيه مستنداً إلى قُزَحي سحابة، وظَهْرِ عريشةٍ عند الكتابة. تَقَدًّمَ مرة مني السنون... خادمي. قال: الملاك. فقلت: ...فليدخل. فأقبل لابساً فَوْقَ الصباح، أخفَّ من نوم الخزامى، غامضاً كالزرقة الملأى مساءً، حاملاً مخطوطة من ست غيماتٍ، ومكتوباً بمنديلٍ، وقال: الكون حمّلنيهما سراً إليك. وخفّ نحوي طافراً بهما. حَمَلتُهما على قوس اليدين، فهفّ نحو الباب وهو مُفَوّحٌ.. آساً، وغاراً. ولوّح للسنونو بالجناحين اللذين مرى بياضهما، وطارا. فتحت شريطة المنديل وهو موَشّحٌ بجناح عصفور تحيط به فواصل للدلالة أنه لا شيء في ذا الكون منتهياً له نقطٌ، يقول الكون في مكتوبه: مجموعةٌ فيها قصائدي التي أرجو قراءتها، وتنقية الذي ما ليس بَعْدُ مُنَخّلَ الرؤيا بها، أو قد يكون بغير ما لغةٍ مرصّعة العبارة بالبهاء الشاعري، وغير عمقٍ كامل التكوين، مفتوح على ما لا يشيح، ولا يزولُ احذف، أضف للنصِّ، صَحِّحْ، وعلِّقْ، وانتٌقِدْ، وَأَزِلْ، ونقّحْ، أَدِرْ في النص حِبْرَكَ. هل له ما للغمامة من دواة البحر؟ هل هو صالح للنشر؟ ألْكَوْنُ. مجموعة شعرية للكون أَرْسَلَها إليّ لكيّ أُنَقِّحها له. هي ستُّ غيمات عليها خّطًّ سِتُّ قصائدٍ جُمِعَتْ بدجيوانٍ يسمّى: "الخلق". هذا بعض ما في نصِّها: هي الأرض، خالية، خاوية، كمعصرة، ليس من عاتق الخمر فيها، سوى خابيهْ، تنام بِفَخَّارِها عتمة الزاويهْ. ظلامٌ، وغمرٌ عليه من الله روحٌ يرفرف، كأنّ بياضاً، وحبراً، ورؤيا، ولكن بلا ذوبان".
في لحظة الإبداع، تستأثر بالشاعر حالات يتماهى فيها مع الموجودات، تنسحب الذات للتشكل من جديد كشيء أثيري، باستطاعته اختراق الحواجز المادية إلى عالم الروح. عالم الصفاء هكذا هو حال الشاعر الذي انطلق في عالم الروح، مستشفاً معاني فلسفية تستأثر بالقارئ، وتحمله عالياً ليسمو، وليدرك بمشاعره ذاك الإبداع الذي انطلق من وحي محبرة. إقرأ المزيد