لبنان والإمارة الدرزية في العهد العثماني - وثائق دفتر المهمى 1546 - 1711
(0)    
المرتبة: 22,159
تاريخ النشر: 01/12/2005
الناشر: دار النهار للنشر
نبذة نيل وفرات:يحتوي هذا الكتاب على الترجمة العربية للوثائق العثمانية (أموري مهمة دفتري)، أو سجل الأعمال العامة، التي تتعلق بتاريخ لبنان -أو بالأحرى تاريخ أجزاء سوريا العثمانية التي كونت لبنان في ما بعد- في القرنين السادس عشر والسابع عشر. هذه الفترة من تاريخ لبنان، لم تلق حتى الآن إلا القليل من ...الاهتمام على الصعيد العلمي، وذلك بسبب أن التوثيق المحلي نادر جداً وفي معظم الأحوال غير موجود.
في غياب، أو شبه غياب، التأريخ أو التدوين المحلي لهذين القرنين الغامضين من تاريخ لبنان، وبسبب تفرق المعلومات التي يقدمها هذا التدوين، إن وجد، وندرتها، يكتسب التوثيق العثماني للموضوع أهمية كبرى. هذا التوثيق يقدم الموقف الرسمي والتعليمات الحكومية التي تتحدث عن أحداث ومشاكل معاصرة لتلك الفترة وفي أماكن معينة. إن هذا الموقف الرسمي والتعليمات الصادرة عن الدولة العثمانية المركزية في اسطنبول إلى حكم محليين وموظفين مدنيين أو عسكريين، كثيراً ما تكون غامضة ولا تنبئ بذاتها عن قصص كاملة. وبما أنها صدرت لأهداف إدارية خالصة، كما سيتبين لاحقاً، فإنها في أكثر الأحيان تكون مقتضبة ومتقطعة، تتكلم عن دقائق الأمور متجاهلة الإطار التاريخي الأشمل. ومع ذلك، فإن هذه الوثائق مجموعة في جملتها تشكل كماً مصدرياً مهماً من شأنه أن يجعل عملية إعادة بناء الخطوط العريضة لتاريخ لبنان في العصر العثماني الأول قابلة للتحقيق، بشكل جزئي على الأقل.
تتكون مجموعة "أموري مهمة دفتري" من 263 سجلاً تغطي الفترة الممتدة من 1553 حتى 1905، وهي محفوظة في الـ"باشبكانلق أرشيفي" أي "أرشيف رئاسة الوزراء" الموجود ف اسطنبول. وهناك بعض السجلات في مكتبات أخرى في العاصمة العثمانية، أو خارج البلاد. وهذه السجلات مبوبة فقط حسب التسلسل الزمني، بغض النظر عن المنطقة، أو الموضوع، أو أي اعتبارات أخرى.
يحتوي كل سجل على نسخ لمئات وأحياناً لآلاف من الفرمانات الصادرة عن الحكومة المركزية إلى حكام المقاطعات أو القضاة أو الإداريين باختلاف وظائفهم، أو إلى أفراد معينين دون مناصب. وفي كثير من الحالات، إن لم يكن في معظمها، كانت هذه الفرماتات تصدر كإجابات على عرائض (عرضحال)، أو شكايات (شكاية)، أو تقارير مرسلة من المقاطعات فيما يخص الشؤون العامة أو الخاصة -الأحكام المعنية بالشكاوى الشخصية على موظفي الحكومة أو أفراد لا يتولون مناصب عامة، حفظت على حدة في سجل خاص يدعى سجل الشكاوى (شكايت دفتري)، اعتباراً من العام 1649م.
يبدأ الفرمان النموذجي بشرح طبيعة العريضة، أو الشكوى أو التقرير المستلم. وهذه المقدمة لها أهمية خاصة كمادة تاريخية لأنها تعطي معلومات مفصلة عن حالات أو تطورات أو أحداث، أو أمور غير اعتيادية تحصل محلياً في ولاية (إيالت، بكلربكلك)، أو في لواء (سنجق)، أو ناحية، أي في المكان الذي جاءت منه العريضة أو الشكوى.
يتبع ذلك الرد الرسمي للحكومة المركزية، المتمثلة في السلطان، بناءً على المعلومات التي تلقتها. يتتبع ذلك نص الأمر المحدد، ويبدأ بعبارة "بيوردم كه" أي "أمرت بـ"، ويعيد عرض الحالة مرة أخرى، مكرراً التدابير الرسمية والمبدأ الأساسي لها، ويعطي التعليمات المتعلقة بالتدابير الواجب اتخاذها.
إن معظم الوثائق المحفوظة في "أموري مهمة دفتري" تتبع هذا النمط، إلا أن هناك بعض الوثائق التي قد لا تنتمي إلى فئة "المهمة" ولكنها صنفت كذلك اعتباطياً بسبب عدك وجود خيار آخر. هكذا هي الوثائق المأخوذة من المجلد رقم 50 من السجل، المثبتة في هذا الكتاب. معظم تلك الوثائق ليست فرمانات، وإنما تعيينات لمناصب معينة أو منح -من التيمار أو الزعامت- لموظفين مدنيين أو عسكريين، أو لأفراد آخرين، مقابل خدمات قدموها.
وبسبب طبيعة هذه الوثائق فإن أهميتها لا تحتاج إلى كثير من الشرح كمادة تاريخية. والوثائق المدرجة في هذا الكتاب تشكل مصدراً أولياً لتاريخ لبنان في القرنين السادس عشر والسابع عشر وصولاً إلى أوائل القرن الثامن عشر, فهي من جهة تعطي معلومات تاريخية، معظمها غير متوفر في المصادر المخلية المعاصرة، وفي أحسن الأحوال قد تذكر ذكراً عابراً ومجتزأ، هذا في حال وجدت هذه المصادر أصلاً. وهذه المعلومات تسلط الضوء على مجموعة متنوعة من الشؤون الإدارية، والمالية، والعسكرية، والقضائية والمحلية، كما ستلط الضوء أيضاً على المشاكل التي كانت تعترض الموظفين المحليين والأفراد، أو جماعات معينة، وبشكل عام السكان المحليين (أي الرعايا والبرايا كما كانوا يدعون).
وبالتالي فإن لوثائق "المهمة" في كثير من المواضع، أهمية لا تقدر في شرح الأحداث أو التطورات التي تركت بدون إيضاح في المصادر المحلية، لأسباب قد تكون متعددة لعوامل مختلفة، (فالدافع السياسي المحلي في أكثر الأحيان كان على خلاف مع سياسة الحكومة المركزية). تساعد الوثائق أيضاً على إثبات الحقائق التاريخية التي تحجبها المصادر المحلية، أو تسكت عنها بشكل مريب، كما تساهم أيضاً في تقديم معلومات أساسية عن السياسة العثمانية في المقاطعات -الأنظمة الإقليمية، التعيينات الرسمية والتغيرات الوظيفية، ومجموعة من الشؤون الأخرى- التي تتجاهلها المصادر المحلية أو تذكرها بشكل سطحي خاطف. إقرأ المزيد