تاريخ النشر: 01/12/2005
الناشر: دار الآداب
نبذة نيل وفرات:غادر عفيف فراج مبكراً، وخسرت الثقافة العربية بغيابه مفكراً تنويرياً مقداماً ومثقفاً عاماً مرموقاً وناقداً يسارياً ملتزماً آخر ينتمي إلى جيل خاص هو جيل الستينات من القرن العشرين، وبتحديد أكبر إلى انتليجنسيا ذلك الجيل بكل ألمعيتها وتمردها ونقمتها وصخبها وطموحاتها وهزيمتها أيضاً، غادر عفيف فراج تاركاً وراءه عملاً غير ...مكتمل (عملت عائدة خداج أبو فراج، زوجته، على استكماله قدر المستطاع) يتناول مجدداً عصر النهضة العربية، بأعلامه الأكثر شهرة وأسمائه المعروفة جيداً، بإعادة نظر نقدية جديدة لنجاحاته وإخفاقاته، لإنجازاته ومعضلاته وتأثيرات ذلك كله على حاضرنا العربي الراهن، أنه استدراك من جانب عفيف، لبعض من وهم حملته انتليجنسيا الستينات بالنسبة لعلاقتها بعصر النهضة.
لقد تناول الكاتب عصر النهضة بروح نهضوية حقيقية وبمنهجية حساسة أعادت له واقعيته التاريخية الملتبسة كعصر انتقالي حكماً، لأن النهوض يعني مغادرة مواقع كنا فيها سابقاً، والتوجه، في الوقت ذاته، نحو مواقع جديدة نريد الوصول إليها.
إن عصر النهضة، بهذا المعنى، هو هذه الحركة بين المواقع الأولى والثانية بكل ما تنطوي عليه النقلة من التباسات وتداخلات ومفارقات وازدواجيات، ومجازفات وتخطيات. إن أجمل ما في كتاب عفيف هو هذه الملاحقة النقدية لجوانب التنافر ولأوجه التعارض في فكر عصر النهضة وفي مجموع إنجازاته ومجمل تراجعاته كما في مفارقاته الكثيرة جداً. يأتي عصر الانتقال هذا، في معالجة عفيف فراج اللطيفة له، حاملاً لكثير من خصائص الزمن الذي تركه وراءه وسماته وأعراضه وأمراضه، ومنطوياً، في الوقت نفسه، على جنين هو مجموع الخصائص والسمات والأعراض التي سيؤول إليها العصر العربي هذا مستقبلاً.
كما يأتينا عصر الانتقال عنده، ليس كعصر مدارس متبلورة أو مذاهب مكرسة أو مناهج ثابتة ومطروقة أو أنماط جاهزة وواضحة، بل كعصر تهيمن عليه وتصنعه تشكيلة كبيرة من الشخصيات القوية، الجريئة، الناقمة، الناقدة، الشجاعة، الخلاّقة، تسهم كل واحدة منها بطريقتها الخاصة وأسلوبها المتميز في تشكيل خصائص النهضوية وفاعليته التنويية ودعواته الإصلاحية وتوجهاته النقدية، ومواقفه التمردية كما تحمل في اللحظة ذاتها نقاط ضعفه كلّها التي كان تشدّ توجهه النهضوي التقدمي العام إلى الوراء وتوهن من عزمه وتساومه على أهدافه وتعمل على إحباط طموحاته. وتجدر الإشارة إلى أن المفكر د.عفيف فراج ترك معظم فصول الكتاب منجزة، ما عدا فصلي "الليبرالية في مصادرها الفكرية والسياسية" و"تغريبة طه حسين وغربة المشروع الليبرالي المأزوم" اللذين تُركا صفحات غير منظمة إلى حدّ كبير، وقد اقتصر جهد عائدة خداج أبي فراج زوجته على ترتيب الصفحات وجمعها تحت عناوين منتقاة من نصه هو، وضبط الهوامش والتحقق منها دون إضافة أو حذف كلمة واحدة من النص.نبذة الناشر:إن أهم إشكاليات الحقبة الليبرالية التي وصفت بـ"النهضة" هي في تنافي التيارين الإسلامي-الإصلاحي والراديكالي-الليبرالي، والذي كانت النهضة ضحيته. والمطلوب كان تجاوز هذا التنافي إلى فلسفة نهضوية تعين القيم العربية والإسلامية المميزة لشخصيتنا الحضارية، وتستكمل بنسيج ثقافي عالمي يحال حول نواتها الصلبة.
إن أهل الحداثة السلفية أو غرباء الحداثة، وبأكثريتهم المتماهية مع الخارج والمتغايرة مع الإسلام، قد أسهموا في إحباط مشروع الأفغاني-محمد عبده الاجتهادي وفي تغييب لوثر العربي. وأزعم أيضاً أن الليبراليين المسيحيين المتوجسين من مخاطر الرابطة الإسلامية وظاهرة الخلافة أخطأوا في السجال الضدي مع هذا المشروع (كما فعل أنطون في سجاله ضد الإمام محمد عبده)... وأخطأوا في قطعهم مع الموروث الثقافي الإسلامي، ولم يدركوا طوباويتهم الفكرانية الماثلة في مشروع إصلاح مصر والعالم الإسلامي بفكر جاهز مكتمل يدقون به أبواب هذا العالم فلا يجدون إلا أبواباً موصدة. إقرأ المزيد