ديك تشيني رئيس أمريكا الفعلي
(0)    
المرتبة: 20,063
تاريخ النشر: 01/01/2006
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:إن الشك الذي ساور كل مراقب جاد لحركات المجيء والذهاب لواشنطن على مدى شهور قد تأكد أخيراً بعد ثلاثة أسابيع من أداء جورج بوش وديك تشيني للقسم. فطوال حملة الخريف الرئاسية في عام 2000، كان بوش قد ناضل ببسالة، إن لم يكن بلباقة لممارسة الدور الصوري الذي كانت عائلته ...ووكلاءها قد رسموه له. فهو، كأقل مرشح رئاسي جمهوري قدرة على التعبير منذ كالفن كولديج، وأقل حامل للمعايير استعداداً عملياً في تاريخ الحزب، أخذ بوش يجوب البلاد، مثل أمير مؤهله الوحيد هو قيادة حزب لينكولن، أو تولي المنصف الذي تولاه واشنطن ذات يوم. بعد هزيمته الشديدة في التصويت الشعبي لأبناء وطنه، رجالاً ونساءً، جرى تنصيب بوش في البيت الأبيض، وكان ذلك بفضل أغلبية في المحكمة العليا التي كان قد تم اختيارها من قبل حكومات خدم فيها والده، وتم تنصيب جورج دابليو بوش في العشرين من كانون الثاني 2001، وألقى خطاباً تدشينياً مبتذلاً فرض هذا التساؤل: كيف يمكن لهذا الرجل الذي نعم بمناعم الحياة وخيراتها، والذي تجنب المسؤولية طوال معظم حياة رشده، والذي فشل في أربع مصالح تجارية، وطرح في حرفة سياسية رسمها وتحكم بها الوزراء، وأتباع والده، الرئيس الأسبق جورج هيربرت ووكر بوش، أن يجرؤ على قيادة أقوى وأعقد حكومة في تاريخ البشرية؟
لقد جاء الجواب عند الساعة الحادية عشرة والنصف من صباح السابع من شباط 2001، عندما تسلق محاسب انتحاري من إيفانسفيل، أنديانا، السياج حول الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض وصوب سلاحاً نحو السكن الرئاسي، وقد بدا أن روبرت دابليو بيكيت، الذي كان قد أرسل قبل أسبوع رسالة انتحار إلى مفوض جهاز العائدات الداخلية، والذي وصف نفسه في رسائل إلى محرري الصحف بأنه "ضحية حكومة فاسدة"، كان يحاول الانتحار على يد شرطي، إلا أنه أخفق بعد أن تمّ القبض عليه، لكن وفقاً للإجراءات المعمول بها، تمّ إغلاق البيت الأبيض عندما بدأ بيكيت إطلاق النار، ودون أن يدرك عملاء الجهاز السري فيما إذا كان الحادث إرهابياً أما لا؛ فقد اندفعوا للإحاطة بنائب الرئيس والرئيس، وقد وجدوا تشيني يعدّ خطاباً في مكتبه في الجناح الغربي، محاطاً بهواتف ترنّ أجراسها، وكمبيوتر ومساعدين يعدون حوله، إنها صورة رئيس تنفيذي مسؤول منهمك في العمل صباح اليوم الأربعاء بعد حوالي أسبوعين من تولي منصب جديد كثير المطالب. ووجدوا جورج بوش في غرفة الألعاب الرياضية في البيت الأبيض، كان يتدرب، فلماذا لا؟ لم يكن لديه أية مسؤوليات حقيقية، فقد كان رئيساً بالاسم فقط. كان ديك تشيني مسؤولاً.
ذلك جزء من الصورة التي حاول رسمها المؤلف جون نيكولز لديك تشيني الذي يعتبره رئيس أمريكا الفعلي. يغرق المؤلف القارئ بتفاصيل تكشف عن حقيقة العمل السياسي الذي يقوم به ديك تشيني والذي يشكل الركيزة الأساسية في السياسة الأميركية الداخلية منها والخارجية، فهو يرى بأنه وعلى الرغم من أن جورج بوش يحمل لقب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكن الصلاحيات كانت وما زالت بيد ريتشارد بروس تشيني، فهو شخصية مبهمة قضى أفضل جزء من أربعة عقود يثبت وبهدوء حقيقة ملاحظة أوليفر ويندل هولمز بأن "الجائزة الوحيدة التي يهتم بها الرجل القوي هي القوة".
ويتابع المؤلف قائلاً بأن تشيني حقق قوته بالطريقة القديمة: احفر وتآمر، إذعن وتنازل، وبشكل كبير، حتى أن المصالح الاقتصادية والعسكرية والسياسية المهيمنة التي توجه الولايات المتحدة، وبالتالي توجه العالم، قد أصبحت مقتنعة بأنه يمكن الوثوق به وتسليمه مفاتيح المملكة، لم يرتفع تشيني وفق كفاءاته، كما يحدث مع السلّم الرسمي، اتصفت حرفته بآمال خائبة وزلاّت مدمرة، وإنجازات مشكوك فيها. ولم تكن الكفاءة وراء تسلق تشيني لسلم النجاح، بل حقق ذلك بسبب رغبته التي تثبت، مرة بعد أخرى، في التضحية بالمبدأ والمصلحة العامة في خدمة طموحه وطموح الذين يدعموه.نبذة الناشر:إن تشيني المولع بالبقاء وراء كواليس السلطة، كما كان يعبر عنه عملاء الجهاز السري دائماً، حتى إنهم وصفوه ذات يوم بالمقعد الخلفي، يملك سيرة ذاتية يمكن أن تؤهله، وفقد أي مقياس تقليدي، للرئاسة: فقد عمل مساعداً لثلاثة رؤساء، وكان أصغر رئيس لطاقم البيت الأبيض في التاريخ الأمريكي، وثاني أقوى عضو في حزبه في مجلس النواب، ووزيراً، ومديراً تنفيذياً لأقوى شركة ذات ارتباطات سياسية. لكن ما جعل تشيني مرضياً لكثير من الذين يملكون الحل والربط هو سجله الحافل بالولاء للرجال الذين لا يستحقونه، للسياسيين الذين لم يعملوا أبداً، ولأوهام الحكم العالمي، التي لم يكن يحملها سوى أولئك المصابين بجنون العظمة، وفي الوقت الذي بلغ فيه أواسط العمر، كان تشني قد شهد شخصياً أهيار رئاسة جمهورية في عملية الاتهام بالتقصير والخيانة، والتي تمت حمايتها من ذلك المصير، وكان قد أدار حملة رئاسية لتضييق الهزيمة، وتعلم ألاعيب تجنب ذلك المصير في المستقبل. وكان قد وجه البلاد نحو الحرب، وحوّل أرباح السلام، بعد الحرب الباردة، إلى مجمع عسكري صناعي يستبدل الاحتواء والوفاق بحرب استباقية ونظام شرطي عالمي على نطاق لم يسبق له مثيل، وكان قد وضع الأساس لأفكار "التعاقد مع أمريكا"، تلك الأفكار التي يمكن أن تعيد رسم سياسات البلد الداخلية ليجري تسليمها بعدئذٍ إلى نيوت غنغريش لإكمال المشروع. كان ديك تشيني قريباً من السلطة لفترة طويلة جداً، حتى إنه كان يعرف مدافن جميع الجثث. إقرأ المزيد