تاريخ النشر: 01/10/2005
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:"كانت الدهشة تعتريني وأن أنظر إلى زميلي عمار غارقاً في نوم عميق، غير مبال بالسيارة التي كانت منطلقة بأقصى سرعتها. كان عداد الكيلومتراج قد تخطى المائة والستين، والسيارة تحاول تجاوز الشاحنات الضخمة التي كانت تمخر عباب الليل على طرقات إيران الطويلة باتجاه الحدود العراقية في سباق مع الزمن. لاحت ...لي خيوط الفجر البيضاء التي بدأ يرميها في ذلك الليل الداكن الذي غاب عنه نور الفجر عندما تلقيت اتصالاً من بيروت يبلغني بأن أول صاروخ أميركي سقط قبل قليل على بغداد. إذاً العُدوان الأميركي بدأ على العراق".
ذاك كان مشهداً من المشاهد التي حفظتها ذاكرة عبد الله شمس الدين مراسل المنار الذي كرّس حياته وكمراسل حربي لخدمة الخبر الذي يتمتع بمصداقية تجعل المتلقي على ثقة بما تنقله تلك النافذة الفضائية.
لم تكن الحيادية هاجس عبد الله شمس الدين أو همه، كان همه إذاً المصداقية في نقل الخبر والحقيقة، وتلك باعترافه (أي نقل الحقيقة) مهمة مرة وصعبة، ومهما كانت تتوافق مع آرائه وأهوائه، فمهمته في أن يكون عين المشاهد الذي يتوجه هو إليه كما مؤسسته، مرآته التي تعكس رؤيته دون أن تغيب الحقيقة والمصداقية عما يمكن أن ينقله. كان هذا ما ميز العاملين في قناة المنار منذ أن بدأت البث عام 1991. حيث أدركوا أن الإعلام الصادق هو الذي يؤسس للنجاح، إلى درجة أن المجتمع الإسرائيلي بات يصدق ما تقوله المنار أكثر مما يقوله قادتهم.
ومن خلال تلك المنهجية والمصداقية يسرد عبد الله شمس الدين ذكرياته على جبهات عراقية. والكتاب إنما هو تسجيل لوقائع خاضها هذا المراسل الحربي، ومشاهد حية سجلها على أكثر من جبهة على العراق، وكان أرشيفه في ذلك ومرجعه الأوراق التي حرص على الاحتفاظ بها طوال مدة إقامته في العراق، بالإضافة إلى حفظه لعدد من دفاتر الجيب. وقصاصات الصحف، فضلاً عن عدد من البيانات الصحفية التي كانت تصل إلى الفريق العامل على تلك الجبهات.
ذلك هو الأرشيف الأساسي الذي اعتمده عبد الله شمس الدين في عمله هذا الذي لم يكن يهدف إلى أن يكون له مسحة سياسية ظاهرة، وإن كان يطرح بعض الأسئلة، فذلك من الأساس من أجل السعي لمعرفة أسباب ما حصل من وقائع كانت مفاجئة له وللكثيرين من المتابعين للقضية العراقية إبان الغزو وبعده، وبالتالي يمكن تسمية هذا العمل وهذه الذكريات التي هي طيّ هذا الكتاب بأنه بحث ذاتي في وقائع قدر لعبد الله شمس الدين أن يكون شاهداً عليها على أرض العراق. إقرأ المزيد