تاريخ النشر: 01/09/2005
الناشر: منشورات زين الحقوقية، المؤسسة الحديثة للكتاب
نبذة نيل وفرات:يحرص كل دائن بحق مالي، على أن يكون لحقه من الضمانات ما يكفل له استيفاءه في موعد استحقاقه. ويقوده هذا الحرص إلى اتخاذ جميع الوسائل المؤدية لذلك. وهي وسائل عرفتها القوانين منذ زمن بعيد ووضعتها في خدمة الدائن تأميناً له للحصول على حقه ومنها الكفالة التي اختلطت في بداية ...ظهورها بالتضامن، حين كان الكفيل أيام القانون الروماني بعد كالمدين الأصلي. وكان من حق الدائن أن يختار أيهما يسأل عن موعد الاستحقاق، المدين الأصلي أم الكفيل لأن الكفيل يلتزم بالدين بصفة أصلية كالمدين الأصلي تماماً. والواقع أن هذه الصلة التضامنية بين الكفيل والمدين، كانت تستمد من الطابع الشكلي للقانون الروماني القديم، حيث كان كان الكفيل الدائن أصلياً ومستقلاً عن التزام المدين. إلا أن هذا النظام لم يكن محققاً لفائدة مؤكدة للدائن، لأن للدائن هذا حق الخيار بمقاضاة المدين أو الكفيل، فقد حقه في الرجوع على المدين والعكس صحيح.
تجاه هذه المساوئ كان لا بد من أن يشهد نظام الكفالة تطوراً ما فنشأ ما يسمى (Fidejussio) والذي مفاده أن الدائن لا يستطيع مساءلة الكفيل إلا بعد مدعاة المدين الأصلي، أي أن على الدائن الرجوع على المدين أولاً مع عدم فقدانه الحق بالرجوع على الكفيل، هذا وقد عرّف قانون الموجبات والعقود الكفالة من خلال المادة 1053 منه، بأنها عقد يلتزم شخص بمقتضاه تجاه الدائن بتنفيذ موجب مديونه إذا لم يقم المديون بتنفيذه، وهذا التعريف يقابل المادة 2011 مدني فرنسي.
ومن خلال التعاريف الآنفة الذكر، يتوضح لنا أنها قد نفت كل وجه للاشتباه بين الكفالة والتضامن. لأن الكفيل، يضمن تنفيذ موجب أصلي، وأنه يرجع على المدين إذا قام بالإيفاء. ولكن وبشكل دقيق يمكننا تعريف الكفالة بأنها عقد يلتزم من خلاله الكفيل تجاه الدائن، تنفيذ موجب المدين، إذا لم يقم هذا المدين بتنفيذه بنفسه. وهذا ما اختاره القانون البولوني بالمادة 625 منه. فالكفالة إذا كانت وليدة تطور كبير من الفكر القانوني والأنظمة القانونية أضحت من أهم نظم التأمينات الشخصية التي تحقق المصلحة لكل من الدائن والمدين، فهي تحقق مصلحة المدين في تسهيل عملية ائتمانه، وذلك بأن يحصل على ما يحتاجه من قروض، ومحققة طمأنينة الدائن، ولذلك لوجود شخص ثان يمكن مداعاته عند تخلف المدين عن الوفاء بموجباته. في الوقت الذي لا تلقي فيه على عاتق الدائن أعباء معينة كتلك التي تلقى عليه في الصف، أو غيره من نظم التأمينات العينية. وقد ازدادت أهمية الكفالة تدريجياً مع ازدياد المعاملات المالية في المواد الاستهلاكية، خصوصاً عن طريق البيع بالتقسيط، التي شكلت الوسيلة المثلى لجمهور المستهلكين في الحصول على الائتمان، بالنسبة لما يحتاجونه من هذه المواد. وهنا يمكننا القول، بأن الكفالة أخذت تتوسع في مجال الحياة التجارية حيث ظهرت أهميتها الخاصة، في المعاملات المصرفية، وأضحت من أهم نشاطات القطاع المصرفي، وقد أصبحت بعوض.
انطلاقاً من هنا ظهرت الحاجة لتسليط الضوء على هذا العقد، والكتاب الذي بين أيدينا يأتي في هذا الإطار حيث يهتم بتسليط الضوء على عقد الكفالة ماهيته، آثاره وكيفية سقوطه، نظرة المشرع اللبناني لهذا العقد، والمواد المختصة لتنظيمه. إقرأ المزيد