تاريخ النشر: 01/05/2005
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:يضم هذا الكتاب ثلاث دراسات مطولة في جوانب مختلف من بغداد، الأولى عن كتاب، والثانية عن الشعر، والثالثة عن إشكالية الإحياء الشعري، وهي إن مدت في بعض الأحيان بصرها إلى خارج بغداد لتنظر إلى العراق كله فقد ظلت بغداد هي المركز والبؤرة التي تجتمع فيها الأشياء لتنطلق منها إلى ...خارجها، وهكذا كان قدر بغداد قديماً، وقدرها حديثاً.
اعتنت الدراسة الأولى بكتاب هو من عيون التراث العربي هو (نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة) للقاضي أبي علي المحسن بن علي التنوخي المتوفي سنة 384 للهجرة ولذلك حملت عنواناً يتفق مع مضمونها هو (عيون جديدة على موسوعة بغدادية قديمة)، وقد أراده صاحبه أن يكون موسوعة غير أنها من طراز خاص. أما أنه موسوعة فلاحتوائه على مادة متنوعة غزيرة تقترب إلى مدى بعيد من فكرة الموسوعات التي تضم بين دفتيها تلك المادة المعرفية المتنوعة مما نعهده في الموسوعات بالإضافة إلى اتساع حجمه الذي بلغ ثمانية مجلدات، وإما أنه من طراز خاص فلأن صاحبه نهج في تأليفه نهجاً فريداً قل أن نجد له نظيراً في المكتبة العربية إذ اعتمد في تأليفه على تلقط الأخبار النادرة من المجالس غير معتمد على كتاب أو صحيفة ينقل منها.
وتأتي محاور الدراسة بعد هذا متفقة مع مضمون الكتاب فهي تولي (المشاهدة الشخصية)، عناية كبيرة، فنرى التنوخي يلتقي بالكثير من الشخصيات السياسية والإدارية والعلمية ويدير الحوار معهم، وينقل أخبارهم من خلال تلك المشاهدات، ولا ينسى في غمرة تلك الشخصيات أن يلتفت إلى الواقع المعيش فيرصد جوانب هامة منه، فيتحدث عن التفاوت الطبقي، والحال السيئة التي آل إليها المجتمع بسبب جور الحكام وظلمهم، بالإضافة إلى طرائق عيش (العامة) ووسائل كسبهم الرزق، وهو لا يغفل جانباً هاماً من ذلك الواقع وهو اللغة، فيروح يضمن نصوصه تلك العامية الدارجة التي بدأت تنتشر وتداخل الألسنة، وكثر من ألفاظها ما يزال باقياً في عامية بغداد اليوم.
ووجهت الدراسة الثانية وجهها نحو (الشعر في بغداد في عصورها الزاهية)، وما يراد بالعصور الزاهية هو العصر العباسي الذي بنيت بغداد في ظلاله، وصارت مستقر الخلفاء، وقطب الدنيا بعد هذا، وكان الباحث مدركاً اتساع الموضوع، وتشعب أنحائه، فما قيل من الشعر في بغداد خلال عصورها المتعاقبة كثير وكثيراً جداً، طوائف متباينة من الشعراء، واتجاهات شعرية متنوعة، ولم يكن بمكنة بحث واحد أن يحصر هذا كله بين جنباته، وخصوصاً إذا علمنا أن دارسين كثراً قد تناولوا الدراسة والتحليل كثيراً أو أولئك الشعراء بالإضافة إلى الاتجاهات والعصور، ولذلك عمد إلى النقطة المركزية التي تفرع عنها ذلك كله، وهي بغداد ليطيل الحديث قليلاً عن (عالمية) المدينة وقدرتها على الاستيعاب وبعد هذا على الإنتاج، وتمكن من رصد مجموعة من الخصائص تفضي الواحدة إلى الأخرى تظافرت جميعها لتجعل من بغداد مدينة (عالمية).
ومن الممكن اعتبار الدراسة الثالثة استمراراً الثانية من حيث اضطلاعها بالوقوف عند (رواد الإحياء، في الشعر العربي الحديث في العراق)، فقد عنيت بأولئك الرواد الذين ولد أغلبهم في أواخر القرن التاسع وحملوا مؤونة التحولات الخطيرة التي كانت المنطقة تشهدها، ورأوا دولاً تتساقط، وأخرى تقوم، ونظماً تقليدية إن في ا لسياسة أو في الثقافة على حد سواء، فكانوا أشبه بالجسر الذي انتقل فيه العابر من مجتمع قديم محافظ إلى مجتمع منفتح، وكانت بغداد في هذه المرة أيضاً هي الميدان الذي اصطرع فيه ذلك كله، ولذلك استقر الباحث على أن دراسة أولئك الرواد من خلال كونهم شعراء فقط هو نصف الحقيقة بل أقل فهم لم يكونوا شعراء حسب، بل قاموا بأدوار أخرى لا تقل أهمية عن الشعر، ومن هنا ارتأى درسهم وفق فكرة النموذج حيث تمكن من رصد خمسة نماذج هي الشاعر-الشاعر، المصلح الاجتماعي، والشاعر السياسي، والشاعر الكاتب، والشاعر الناقد، وعمق الحديث عن كل نموذج من تلك النماذج بما يبرز أهميته وما قدمه للحركة الفكرية في بغداد عامة والشعرية خاصة، ومهد لتلك النماذج بمناقشة مصطلح (الإحياء) الذي لم يكن مقتصراً على العراق وحده، وبني ارتباطه بلحظات تاريخية حاسمة في مسيرة الأمة العربية.نبذة المؤلف:يختلف هذا الكتاب اختلافاً بيناً عن تلك الكتب التي أصدرها الباحث قبل هذا. يختلف من حيث إنه منشغل بتلك المدينة التي ولد فيها، وعشقها، واكتوى بنارها بعيداً عنها عشرين عاماً وتزيد، ويختلف من جهة الذاتية التي كانت واحداً من الأسباب، بل من أوكد الأسباب التي دعته إلى كتابة ما كتب، وهو يعلم أن الذاتية يجب أن تقف عند حد لا تتجاوزه لتشرق الموضوعية التي هي الركن الركين في البحث العلمي (..)، ويختلف ثالثة بحسبان أن الانشغال بالعنوان كان هو المنطلق، وجاءت المادة العلمية، والمنهج الصارم لتعطي العنوان شكله المتميز، وسمته النهائي، فهو بهذا كله، وغيره كثير، مختلف عما سبقه مختلف عما سيتلوه..
وتطمح هذه الدراسات أخيراً إلى أن تكون قد قدمت شيئاً يسيراً لتلك المدينة الخالدة، التي رأت من الازدهار والنضج ما رأت، كما قاست من الويلات والنكبات بقدر ذلك، وهو يرجو أن تجد لها مكاناً بين تلك الكتب والأبحاث التي كتبت عن بغداد، وما تزال بغداد تنتظر الكثير يجلي تاريخها الحضاري العظيم، ومستقبلها المشرق. إقرأ المزيد