أميركا في طور الرايخ الرابع
(0)    
المرتبة: 87,779
تاريخ النشر: 01/03/2005
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:رغم كل الحروب وويلاتها ودمارها وعسكرة أميركا نفسها والعالم تقريباً؛ ما زال الأميركيون الكبير والصغير منهم ينظر إلى بلده ونفسه بأنهم شعب يتملكه البراءة، وأن القوة الأميركية قوة خيرة، رؤوفة ومحمودة والعالم يحسدها ويكرهها لأنها مثال ساطع للحرية والديموقراطية وحرية السوق، ويستنتجون من تلك الرؤيا، بأن أميركا الجميلة التي ...باركها الله، وهي قوة عظمى على مضض، وأن العظمة قد اقتحمت أميركا وأن النظام الأميركي والأميركان لم يفتشوا أو يسعوا وراء العظمة التي انغرست في صدورهم.
وهذه الأميركا البريئة المقدسة، المنقذة، أيقونة الأجيال المؤمنة بلهب الديموقراطية ومحاسنها وفضائلها الأميركية هذه تشكل في هذا العصر كهانة عسكرية تتسم بنظام كلبتوقراطي جشع يحركها التعصب والتأسل في غائية أميركية تزغرد بأن التاريخ يسير على خطاها وخطها أو في موازاتها، وأنها هي المسار والمصير للبشرية جمعاء. لذا ترفض الإقرار بأنها إمبراطورية أو رايخ رابع وتدّعي بأنها رفضت انتزاع فرصة الإمبراطورية عندما أتاح لها التاريخ تلك الفرصة التي جاءتها على طبق ليس من فضلة، بل ألماس.
وفضلت العظمة على القوة والعدالة على المجد وبذلك استطاعت تفكيك شيفرة التاريخ وإدراك قصده وليه، مع سقوط جدار برلين (1989/11/9) انتظم إجماع جارف وخارق وملفت في أوساط السلطة الأمريكية الحاكمة وتقرر العمل بدون مواربة بموجب ذلك الإجماع الذي انخرط في مجراه الديموقراطي والجمهوري والليبرالي وحتى اليساري بصمته المبين! وقد تمثل ذلك الإجماع بأربع قواعد ملزمة هي: 1-أن رسالة أميركا كطليعة للتاريخ عليها أن تحول النظام العالمي القائم على نظام يقوم على تأييد سيطرة الولايات المتحدة لأمن أميركا تدرك التاريخ وتعمل في خدمته ولأن للتاريخ اتجاه وتوجه يمكن إدراكه وتمييزه، وأميركا كرأس حرية للتاريخ تجسد غاية التاريخ ببصيرتها وعقلها وتطلعها المتمثل في تحقيق الحرية ونشر الديموقراطية الرأسمالية وحرية السوق المتجسمة في طريقة الحياة الأميركية، لذلك يعلن باول، وزير الخارجية الأميركية "قائد الحمائم" بأن أميركا هي القوة المحركة للحرية والديموقراطية في العالم وأن أميركا هي "الأمة الكونية الأولى" التي ينبغي أن تسود عظمتها وعلمها ونمط حياتها، 2-الانفتاح والاندماج التي تدفع بالعولمة نحو الحرية الموجهة أميركياً والتي تستولد التجارة الحرة، البشير للتحرر، والتي بدورها تفتح آفاقاً جديدة للحرية الاقتصادية التي تخلق تطلعات وتوقعات الديموقراطية و"الإنسان الاقتصادي" الذي يستمرئ العيش الرغيد في السلع الأميركية، ويستمتع بالتكنولوجيا الأميركية والخدمات بدون عقبات أو قيود مما يفض الطريق إلى الفردوس الأميركي بانتشار القيم الأميركية وطرائق العيش التي عليها أن تحتل موقع الصدارة بامتياز في العالم، 3-القاعدة الثالثة الملزمة هي القيادة الأميركية الكوكبية: ويعبر عن هذه القيادة بالأوامرية المطلقة التي لا تنازل عنها في كافة المحافل الدولية، 4-السيادة العسكرية على العالم بدون منازع هي القاعدة الرابعة، قاعدة الارتكاز والانطلاق للتحكم وحكم العالم. من هنا يمكن القول بأن أميركا دخلت الإجماع الاستراتيجي الشامل وهي في طور الرايخ الرابع، والمؤلف ضمن هذه الرؤية يحاول تقديم دراسة تحليلية تكشف عن وجه أميركا الحقيقي وعن الأبعاد السياسية والاستراتيجية لتحركاتها الحربية على الأرض في هذا العصر. إقرأ المزيد