تاريخ النشر: 01/01/2000
الناشر: دار الثقافة للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:شغل علم السياسة وعلى مدى عقود من السنين، اهتمام كل الأوساط: من باحثين، ومثقفين ورجالات الدولة والسياسة، وخصوصاً أولئك الذين أجهدوا أنفسهم في البحث والتقصي عن الأصول الفكرية والفلسفية لهذا العلم الذي شهد ولادة عسيرة، مختلفة صراحة عن ولادة ونشأة بقية العلوم الأخرى، حيث جاء بعد مخاض طويل وصراع ...في البيئة العلمية والاجتماعية، والأكاديمية حتى التي نشأ فيها وباعتراف الكل، علماً كسيحاً يبحث عن أرضية يستند إليها وشرعية تمنحه الهوية التي طالما افتقدها في مسيرته العلمية والأكاديمية وسط تنافس شديد من قبل العلوم الاجتماعية والإنسانية التي استطاعت وبسهولة أن تشكل ميادينها العلمية والبحثية، في الوقت الذي بقي فيه هذا "العلم" ينبش في حفريات الماضي، وحقب الزمان لعله يجد الميدان الذي يؤكد فيه وحدته ومنطلقاته الفكرية و"السياسة" محدداً من خلالها استراتيجيته المستقبلية التي سرعان ما شهدت هي الأخرى نزاعاً متعدد الاتجاهات والنزعات سواء كان بين الأكاديميين، حيث الأفكار والفلسفات المهيمنة والتي كانت تنكر على علم السياسة ورصانته العلمية (التعليمية) ومواضيعه المحددة، أو في الأوساط الفكرية والثقافية التي كانت متأثرة ومتزعمة أحياناً لمدارس فكرية وفلسفية وسوسيولوجية رفضت الاعتراف باستقلاليته التي تمتعت بها بقيمة العلوم الأخرى، وقذفت به في ملحقات العلوم الاجتماعية الأخرى ومدارسها, فتارة يلتصق بالسوسيولوجيا وبقي أسيراً لتنظيرات مفكريها، وأساليبها التحليلية ضمن إطار السوسيولوجيا السياسية، وتارة أخرى يهرب نحو مدرسة القانون الدستوري ليضيع في تجريداتها ونقاشاتها الفقهية-القانونية، ليجد نفسه مرة أخرى منزوياً في الحلقات النقاشية والمؤامرات، والندوات، ونشرياتها السنوية والموجزة على الرغم من كونه العلم الذي لا يمكن حجبه وإخفاء "فن" جماله وبريقه في كل الأحداث والظواهر السياسية التي تكرر كل يوم، حيث تأثيراتها الجذرية ليس فقط في التركيبة الاجتماعية والسياسية للمجتمع وإنما على مستوى السلطة وهيكليتها، وكذلك على مسيرة العلوم الاجتماعية والإنسانية التي هي الأخرى أضحت رهينة القوانين، القرارات، والمواسيم ذات الطبيعة السياسية في الأصل، والتي تتخذها السلطة على مدى حقب التاريخ بغية تسخيرها لمصالحها تسخيرها لمصالحها والإقرار بشرعيتها.
ومن هنا فإن ما طرحته المشكلات السوسيولوجية القانونية، والدستورية، دفعت من تحمل لواء إنقاذ علم السياسة والمدافعين عنه في البحث وسط جو من الشكوك والريبة للعديد من المصطلحات، عن مجال خاص ومستقل لعلم "السياسة" بين "العلوم السياسية" الأخرى التي ادعتها بعض العلوم وخصوصاً الجغرافية السياسية، الاقتصاد السياسي، والتاريخ السياسي... حتى أن ضياع المضمون الخاص لعلم السياسة، وبشكل محدد، دفعت بالبعض إلى أن يصفه تارة بعلم الدولة، وعلم حكومة الدولة، والذي جعلته ليس قريباً فقط من الدراسات القانونية والدستورية، لتركزه على المؤسسات الدستورية والسياسية وشكل الدولة، وإنما اعتبرته وليداً غير شرعي لما تجاذبه الكثير من التيارات المذهبية والفلسفات الاجتماعية.
في الواقع، فإن ما تم طرحه في أعلاه، وبشكل نقاط موجزة عن تلك المسيرة التي قطعها علم السياسة خلال هذه العقود الماضية، ستوضحها الدراسات الثلاث التي ضمها هذا الكتاب بشكل أكثر تفصيلاً، وتحليلاً، ليس لأنها كتبت من قبل اثنين من أشهر محترفي علم السياسة في فرنسا والعالم، وإنما لأنها قدمت بشكل متكامل ومتناسق وفي إطار كرونولوجي قل نظيره في الدراسات الأخرى، من خلال منهج تحليل شامل. وباختصار، فإنها سلسلة مترابطة من الأفكار والتحليلات المبنية على منهج العلمي المتناسق في تسلسله التاريخي، حيث الأحداث، والمدارس التي ظهرت قد أشرت تلك المرحلة الحاسمة في تاريخ "علم السياسة".
كما أن الأهمية العلمية لهذه الدراسات تتجسد في كونها قد استندت إلى إرث تاريخي كبير من المؤلفات والدراسات التي صبت جل اهتمامها على نشأة علم السياسة والمراحل التي مر بها، والتي تجاوزت العشرات من المراجع التي حرص على ذكرها كما هي في الفهرس، وخصوصاً في اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وترجمة الشروحات الهامشية والمصطلحات التي وردت في اللغة الفرنسية، لكي تعطي للقارئ العربي فرصة الاستفاضة في الموضوع والتعرف على هذا العدد الهائل من الدراسات والكتب التي تتناول موضوع علم السياسة ومسيرته العلمية والأكاديمية، وهكذا استطاع المترجم "ناظم الجاسور" أن ينقل للقارئ ، مثقفاً كان، أم أكاديمياً، أم مفكراً، هذا الجهد البحثي الذي تعاون على إرسائه الأستاذ بيير فافر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كليرمون فيرون، ومعاهد الدراسات الفرنسية في باريسن غرينوبل، وبوردو، والأستاذ جان لوكا العميد السابق لمعهد الدراسات السياسية في غرينوبل، وأستاذ العلوم السياسية في معهد الدراسات السياسية في باريس، ومعاهد فرنسا الأخرى والمتخصص بشؤون المغرب العربي، والاثنان أيضاً من مؤسسي الجمعية الوطنية للعلم السياسة، والمجلة الفرنسية لعلم السياسة، والمؤسسة الوطنية للعوم السياسية. إقرأ المزيد