إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول
(0)    
المرتبة: 204,346
تاريخ النشر: 01/12/2007
الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية
نبذة نيل وفرات:علم "أصول الفقه" هو علم يضع القواعد والأسس التي يستعين بها المجتهد على فهم أسرار التشريع ووقائعه وغاياته، وكيفية النظر في الأدلة الشرعية، وكيف تؤخذ منها الأحكام والتكاليف، كما أنه العاصم لذهن الفقيه عن الخطأ في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، والعمدة لأصحاب الخلاف المتمسكين بمذاهب أئمتهم فيما ...يجري بينهم من المناظرات، لتصحيح كل واحد منهم لمذهب إمامة وإثبات بنائه على أصول صحيحة وطرائق قويمة. ولا يتحقق ذلك إلا بالتجرد عن الهدى وعن التعصب لمذهب معين، بحيث يكون الهدف هو الوصول إلى الحق والصواب، وأنه متى ظهر الحق وجب المصير إليه، وهذا ما فعله الإمام "الشوكاني" في كتابه هذا، حيث أعاد النظر في قواعد "أصول الفقه" وأعطى فيها رأياً جديداً، فتح المجال أمام الباحثين للاجتهاد والنظر، فأضاف-بهذا الكتاب-إلى أصول الفقه إضافات عظيمة لا غنى لأهل العلم بصورة خاصة، وللباحثين في مجال الدراسات الإسلامية بصورة عامة، عن الرجوع إليها والاستفادة منها.
لقد كان الإمام الشوكاني واسع الاطلاع، فتنوع الثقافات، متبحراً في سائر العلوم النقلية والعقلية. وقد ساعده ذلك على الاتجاه نحو الاجتهاد ونبذ التقليد، حتى اختار لنفسه مذهباً فقهياً متميزاً، غير مرتبط بمذهب من المذاهب المعروفة، بحيث يستنبط الأحكام الشرعية من مصادرها المعروفة.
وكان من الطبيعي أن يؤثر ذلك على منهجه في أصول الفقه، باعتباره من أهم العلوم التي يجب على المجتهد تحصيلها، والوقوف على أسرارها ودقائقها. وهذا ما أدى به إلى التفكير في تأليف كتابه هذا، بقصد تمحيص هذا العلم، وبيان وجه الحق والصواب في كل مسائله، ولذلك سمى كتابه باسم يدل على الهدف الذي أراده وهو: "إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول".
وقد بدأ كتابه بمقدمة وضح فيها رأيه في القواعد الأصولية، وأنها ظنية الدلالة، وتدخل تحت دائرة الاجتهاد، على عكس ما كان يعتقده كثير من العلماء من قطعية هذه القواعد، وأنها بمثابة النصوص لا يجوز العدول عنها ولا مخالفتها. فبدأ يحقق الغرض الذي قصده من كتابه، ورتبه على مقدمة وسبعة مقاصد وخاتمة.
تكلم في المقدمة عن التعريف بأصول الفقه وموضوعه وغايته واستمراره، وعن الأحكام وأقسامها وعن المبادئ اللغوية وتقسيمات الألفاظ. أما المقاصد فكانت كالتالي؛ المقصد الأول: في الكتاب العزيز. المقصد الثاني: في السنة وما يتعلق بها من مباحث. المقصد الثالث: في الإجماع وما يتعلق به. المقصد الرابع: في الأوامر والنواهي والعموم والخصوص، وسائر الدلالات. المقصد الخامس: في القياس وما يتعلق به. المقصد السادس: في الاجتهاد والتقليد والإفتاء. المقصد السابع: في التعادل والترجيح. أما الخاتمة فقد ضمنها مسألتين: المسألة الأولى: هل الأصل فيما وقع فيه الخلاف الإباحة أو المنع. المسألة الثانية: في وجوب شكر المنعم عقلاً.
وقد كان الإمام الشوكاني أميناً في كل ما ينقل، ينسب الآراء لأصحابها ويستدل لكل رأي، غالباً، ثم يناقش ويخرج بالراجح في كل ما يقول، وربما كان له رأي خاص ينفرد به عن سائر العلماء، كما يمتاز بعم التعصب لمذهب معين، اللهم إلا أن يكون الحق مع فريق من العلماء، فيدافع بقوة، ويبين وجه الحق مدعماً بالدليل الواضح. وبالجملة فإن كتاب "إرشاد الفحول" قد فتح آفاقاً واسعة للبحث والمناقشة، وأبواباً من البحث والاجتهاد أمام العلماء، من خلال عرضه لآراء أهل علم هذا العلم ومستندهم في كل مسألة، بعد تحرير محل الخلاف ومنشئه، ثم بمناقشة كل دليل وبيان الراجح من المرجوح.
هذا وقد جاء الكتاب محققاً، ويتجلى منهج المحقق فيما يلي: أولاً: أعاد توزيع الكتاب ووضع بعض العناوين اللازمة تسهيلاً للباحثين. ثانياً: ضبط نص الكتاب وصحح الأخطاء اللفظية التي به وهي على وجه العموم قسمان: قسم خاص بالمحقق وقسم خاص بمصحح طبعة الحلبي، ثالثاً: اهتم بعزو الآيات القرآنية إلى موضعها من القرآن الكريم وما يتعلق بذلك أحياناً من التفسير والشرح، إلى جانب هذا اعتنى بتخريج وتحقيق الأحاديث النبوية الشريفة على ضوء القواعد المعروفة في علم مصطلح الحديث. إقرأ المزيد