تاريخ النشر: 01/05/2004
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:الكتابة العربية خلال السنوات الأخيرة لم تمر في منعطفات تغيير حاسمة من حيث أشكالها البنائية، ولعلها لازمت ركوداً واضحاً، طبعها بالتكرار وامتصّ منها ماء الحياة الجديدة التي يعيشها الإنسان العربي اليوم. والمقصود بالكتابة هنا، النثر بفنونه كافة لا سيما الأدب القصصي وأدب المقالة.
ويستطيع المراقب لحركة نوع أدبي عبر خمسة ...عقود ملاحظة استنساخ الأساليب إلى درجة التشابه والاشتباه، وضياع حق المبتكر الأول في إرساء قيمة فنية معينة، في هذا الضوء يتضح موقع النقد الغائب الذي يستطيع أن يكون عنصر فرز وتماهل في أداء دوره إلى نحو فقد فيه القدرة الآن للعودة إلى دور مهم لو أراد ذلك بعد سيادة أجواء الطفيليات واختلاط الأوراق في الساحة الثقافية.
من هنا تكاد تنعدم الفرادة في الأساليب وباتت علامات التميز في أسلوب قاص أو روائي أو كاتب مقال لحظوية في لفت الانتباه.. لكنها ما تلبث أن تضع حين تصبح فريسة لهجمات مستنسخي الأساليب بل لعلهم لصوصها الذين يسرقون جهود الآخرين ويستطيعون إخفاء معالم جرائمهم من خلال نفوذ العلاقات العامة التي تجعل منهم أسماء كثيرة التداول في النشر والندوات واللقاءات الإعلامية، المقالة ظلمت أكثر من غيرها، لأنها دأبت على المعاناة الصامتة، من دون أن يلتفت إليها جهد نقدي أو بحثي أو أكاديمي... إلا نادراً وعبر نماذج تقليدية قديمة منها. وبقيت المقالة رهن الرؤى الفردية والاجتهادات فلم يعد لها قاعدة أو ملمح مميز في التكوين ومزجت بين المعارف والاتجاهات وتداخل السياسي بالاجتماعي والأدبي بالاقتصادي، وتلك هي ميزة مهمة تحتمل التحليل العميق وعقد القرائن مع العوامل البيئية المحيطة التي أسهمت في المجاب ذلك التشكيل المنهجي، غير أن هذه الوقفة الدراسية مفقودة أصلاً لصعوبتها، إذ أنه ليست ثمة إمكانية لنمو أي نص أدبي أو أية أعمال إبداعية وعقلية في الأدب والفن بمعزل عن ذلك المحيط الهائل بضغوطه والتداخل في رؤاه وهمومه ونياته... الساعي إلى تحميل النص وضعاً اجتماعياً أو إدخاله في سياق سياسي أو ديني خارج حدود النصوص الأدبية بأشكالها، بوصفها فناً وسموّاً.
وبمعنى آخر لم يعد في الثقافة العربية وهي في طور إنتاج برامجياتها فردياً أو مؤسساتياً قصيدة أو رواية من دون عالم ما بعد القصيدة أو الرواية في البيت أو الشارع ومحل العمل والحزب والطائفة والدين والمذهب والقومية والعولمة... حتى يكاد المتلقي ينشغل بذلك العالم الخارجي المقحم على النصوص الإبداعية والثقافية ناسياً تلك اللحظات اللامعة التي أنتجت قطعة من إبداع.
وفي هذه الإشكالية الإنتاجية والتسويقية يتخبط المشهد الثقافي العربي غير قادر على التوازن. وفي هذه المناخات تأتي الجولة النقدية التي شملت الأعمال الأدبية العربية من رواية وقصيدة ومقالة و... وذلك في مسعى لفاتح عبد السلام اجتهادي إلى رؤية وموقف هما بمثابة عملية تفكيك لسوسيولوجيا المعقدة المحيطة بالمنتج الثقافي العربي. إقرأ المزيد